بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد…
فقد وصلتني رسائل كثيرة جدا ًعلى هاتفي وعلى بريدي تلتمسُ مني أن أكتب ذكرياتي ومذكراتي ،عن الشيخ الأصولي عبد الكريم النملة(ت: 1435ه) غفر الله له ورحمه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.
وسبب ذلك أنه لم يكتب أحدٌ عن هذا العالم شيئاً حول علمه وسيرته وأحواله، سوى شذرات يسيرة متواضعة. جزى الله من خطَّها خير الجزاء.
وفي هذه الحلقات لن أسرد ترجمة للشيخ ، لأنني استوفيتُ ذلك في كتاب خاص عن سيرته ، وسيطبع قريباً إن شاء الله تعالى.
وصلتي بالشيخ تعود إلى سنة 1413ه ،حيث تعرفتُ عليه مع مجموعة من طلبة العلم في مكتبة كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، فقد كان قوي الصلة بهذه المكتبة والجلوس فيها.
وكان في ذلك الوقت يحقق كتاب الأنجم الزاهرات في شرح الورقات للمارديني ، فكان كثير التردد على تلك المكتبة لهذا الغرض.
ثم تكررت زيارات ودية لمكتبه للسلام والإفادة مع بعض الإخوة الأفاضل، وتوج ذلك بحضور العديد من دروسه في جامع الراجحي القديم وجامع الأميرة الجوهرة ،وجامع شيخ الإسلام ابن تيمية وجامع الغزي. فهذه المساجد الأربعة هي التي كنت أحضرُ له فيها دروسه ودوراته العلمية في الرياض . وأوقاتها إما في الصباح أثناء العطل الصيفية أو في الأيام الدراسية أو في مواسم الدروس الأخرى من العام.
وهذه صفحات علمية أصولية أكتبها برأس القلم ، عن الشيخ عبد الكريم النملة وفكره ومنهجه وفوائده الأصولية ، وقد يأتي فيها استطراد ،حيث ترد الفائدة في ذهني فأكتبها مباشرة خوف نسيانها وذهابها ، وقد أعقِّبُ عليها إن لزم الأمر بتوضيح أو بيان. وفي النية جمعها لاحقاً وإفرادها في رسالة إن شاء الله تعالى .وهي سلسلة في عدة حلقات موجزة ، نسأل الله أن ينفع بها كل من وقف عليها. وهذا أوان الشروع بالمقصود، رب يسر وأعن يا كريم .
أولاً : كيف بدأ الشيخ عبد الكريم النملة مشواره الأصولي ؟ :
بدأ الشيخ يقبل على علم الأصول في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية، وكان قد درس في كلية اللغة العربية ثم تحول إلى كلية الشريعة، وقبل تخرجه بسنة تأثر بأساتذة علم الأصول في الجامعة وخارجها ممن كان يقرأ لهم مثل: الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ،الشيخ عبد الله الركبان، الشيخ عبد الله الغديان، الشيخ محمد العروسي عبد القادر، الشيخ محمد ابن عثيمين ، الشيخ عبد الحميد أبو زنيد، الشيخ محمد صدقي البورنو، رحمهم الله تعالى، وحفظ الحيَّ منهم وعافاه.
ويستفاد من هذا أن طالب العلم يتأثر بشخصية من يلقنه أو يستفيد منه أو يميل له بقلبه، فتنطبع أخلاقه وصفاته ومحبوباته في نفسه إما باجتهاده أو بقرينة أخرى يجريها الله تعالى بحكمته .
وهؤلاء العلماء كان الشيخ يتواصل معهم باللقاء بهم عنده أو بالسفر لهم أو بسؤال من يعرفهم، ويتردد عليهم لاكتساب فائدة أو فهم مسألة .
ويلاحظ أن جُلهم من المتخصصين في علم الأصول ،المتمكنين من مباحثه.
وقد حدثني الشيخ محمد صدقي البورنو وفقه الله تعالى قبل أيام من جنوب تركيا ، أن الشيخ عبد الكريم رحمه الله تعالى كان كثير السؤال كثير الإلحاح في طلب الفائدة والحصول عليها.
وقد ورد في مخطوط ذكريات الشيخ الذي لم يكمله بسبب اخترام المنية، أنه كان يجد صعوبة في كثير من مسائل أصول الفقه حين كان طالباً في آخر المرحلة الجامعية، فيعمد إلى الاعتكاف ساعات طويلة في مكتبة جامعة الملك سعود ومكتبة الملك فهد الوطنية للمطالعة والبحث والتحرير. فلم يكن الشيخ يرضى بشرح مختصر لدقيقة من دقائق مسائل الأصول، أو مسألة موجزة وردت في حاشية كتاب من غير توضيح وبيان، فكان يدخل المكتبة أول الزائرين ويخرج منها عند انتهاء وقت العمل في المساء.
بل كان يحكي عن نفسه أنه في أول عمره ، حين تأبير النخل يضع الكتاب في جيبه وقد لفه وبرم أوراقه، فيقرأ ويحفظ ويراجع في أعلى النخلة حين يستريح ، وهذا لا يفعله إلا من اختلط العلم بلحمه وعظمه. وله نظائر كثيرة في التاريخ كابن الجوزي وابن عقيل الحنبلي وابن دقيق العيد، رحمهم الله تعالى.
ثانياً : طريقة الشيخ في المذاكرة الأصولية :
طريقة الشيخ في المذاكرة الأصولية ليست مبنية على الكم بل على الكيف. فهو يعتني بجوهر الشي وقيمته لا بتعدد العَرض نفسه. فكان يحب تكرار الكتاب الواحد عشر مرات على أقل تقدير. وأحياناً يوصي بالقراءة الجهرية التي يسمعها القارى ويَسمعها من بجواره، لأنها تفتق الذهن وتنمي القريحة وتشحذ الهمة، وتصحح الأغلاط والأوهام. وهي تغني عن قراءة عشرين كتاباً، بشرط أن تكون بفهم وتصحيح وتعليق.
ولهذا مكث الشيخ يحرر ويعلق ويصحح روضة الناظر ثلاثين عاماً من عمره، وطبع محققاً أكثر من خمس عشرة طبعة في مكتبة الرشد.
ولما دخلتُ مكتبته الخاصة بعد وفاته رحمه الله تعالى، وجدتُ الكتاب الذي لازمه ثلاثين عاماً ، وهو نسخته من روضة الناظر، وقد صحَّح الجُمل والعبارات والفقرات، بل وراجع أربع مخطوطات للنسخة لتقويم النص.
ولم تكن مكتبة الشيخ كبيرة بل مكتبة متواضعة جداً، تُشبه مكتبة الشيخ ابن عثيمين في قلة كتبها ،لأن العلماء أمثالهم كانت عنايتهم بالتحقيق والرسوخ أكثر من عنايتهم بالجمع وتعدد الطبعات والنسخ. فكانوا يعتنون بالمقروء ومعانيه أكثر من عنايتهم بالمسابقة إلى الاقتناء ومتابعة الجديد والغريب. وكانت هذه الخصلة في العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى، فقد كان يدرس ويدارس الكتاب الواحد عشرات المرات، ولم تكن له مكتبة كبيرة لها بريق يشغل القلب ويلهيه أكثر مما ينفع النفس.
ويستفاد من هذا أنه يجب على طالب العلم أن يكرر الكتاب الواحد عدة مرات ويعلق عليه بالحواشي والتعليقات، فليس المهم أن تنمو مكتبتك، بل المهم ما حقَّقته من علم وفائدة حصلتها من ذلك الكتاب الذي طالعته ثم نسيته، ثم اشتريت غيره، ثم توالت الكتب، وقد تكون الحصيلة العلمية ليست محققة للطموح.
والشيخ يحب الكتابة على الورق مباشرة، ولا يستخدم الحاسوب وليس له به دراية وخبرة، وقد وجدتُ جميع مؤلفاته بأصولها الخطية موضوعة في كراتين ومحفوظة حتى يمكن الرجوع إليها إن احتاج هو أو غيره إلى ذلك. .
وقد آتاه الله من الصبر على القراءة والكتابة والجلَد على ذلك ، ما لم أقف عليه عند أحد من المعاصرين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ثالثاً : طريقة الشيخ في الشرح الأصولي :
ظهر الشيخ عبد الكريم وتصدَّر للتدريس في فترة ركود الدرس الأصولي في ذلك الوقت ، سنة 1414ه وما بعدها بقليل . فيندر أن يتصدَّر لهذا الفن أمام الناس إلا قلة من أهل العلم الراسخين.
وكان الطابع العام للدروس والمحاضرات هو الرقائق والوعظ وأحياناً الفقه. ولهذا لم يكن يحضر لدروس الشيخ إلا النزر القليل، ربما لا يتجاوزون الثلاثين ، وفي بعض الأوقات نصفهم لا غير.
وقد تميَّز الشيخ عبد الكريم النملة رحمه الله تعالى بتسهيل المفردات الأصولية ومعانيها وكذلك المباحث والمسائل الأصولية، بدون تكلف أو حشو في الكلام، وهذا يلحظه كل من حضر دروس الشيخ أو استمع لها في المسجد أو عبر مواقع التواصل كما في اليوتيوب .
وقد أخبرني مرة أن كلية الأمير نايف رحمه الله تعالى ، طلبت منه ندوة أصولية عن دلالات الألفاظ ، وقد كان الحضور من قضاة السودان الذين استضافتهم كلية الأمير نايف في إحدى اللقاءات التدريبية.
وكانت هذه الندوة من الندوات المفيدة جداً ، لكل من حضرها واستمع لها، وللأسف لم أجدها مسجلة بعد طول بحث عنها في الكلية.
وقد سألته مرة عن أفضل طريقة لشرح المتون والكتب الأصولية فقال: التقريب والاستدل وضرب الأمثلة ، ولا تُشوش على الناس بغرائب المسائل وشذوذها ، ولا تنقل الشرح المكتوب بحروفه بل تصرَّف فيه بما لا يخل بمعناه ومبناه. وقصده رحمه الله أن بعض الناس يقرأ على الطلبة شرحاً لمتن معين كما وضعه مؤلفه، وهذا غير جيد وغير مستحسن، لأن طريقة الكتابة المجردة تختلف عن طريقة التفهيم والتوضيح . وقد سلك رحمه الله ما أوصاني به، ففي كل كتبه يُبسِّط المسائل حتى يفهمها المتعلم ومن في منزلته ، ثم يستدل لها ويقرر بالأمثلة مع العناية بالتعليل والتنبيه على الحجج والأقوال. مع تنبيهه على أهمية الدليل العقلي مع الدليل النقلي، مع أنها مستخرجة من كتب وعرة المسالك يعرف هذا كل من عانى في كتب الأصول .
وكان يشير إلى الدليل من الكتاب والسنة ثم يربط الطالب أو القارىء بالدليل العقلي. وقد سألته مرة عن سبب هذه المنهجية ولماذا لا نكتفي بدليل الكتاب والسُّنة ؟، فقال إنها على جادة الأئمة الأربعة واستدل لها بقصة الإمام الشافعي رحمه الله تعالى مع المخالف له في مسألة المرأة إذا ارتدَّت عن الإسلام هل تُقتل أم تحبس ؟ ، وهي قصة حوارية أوردها الشافعي في كتاب الأم (3/342) وفي آخرها قال الشافعي للمخالف : ( فكيف جاز لك أن تقيس بالشي ما لا يشبهه في الوجهين ؟ ) .
ولهذا تجد الشيخ في كتبه يكثر من الاستدلال بالتلازم الشرعي والعقلي بقسميه الطردي والعكسي، كما في حاشيته على الروض المربع وحاشيته على منار السبيل وحاشيته على دليل الطالب.
والشيخ يراعي أحوال المخاطبين عند التدريس ، فتجده في الجامعة يورد المسألة بنكتة لطيفة لطرد السأم والملل عن الطلبة، وقد يمازحهم ثم يعود للدرس.
وكان في بداية الدورات العلمية في درس الأصول يذكر الطلاب بأهمية هذا العلم وضرورة العناية به.
ومما سمعته منه قوله : ( علم الأصول من أهم العلوم، والأعداء يحاربون هذا العلم، لأن علم الأصول يساعد على فهم التجدد في الأحكام والحوادث، والأعداء لا يريدون ذلك ولا يحبونه للإسلام).
والشيخ يطلب من طلبته الكتابة والتعليق عند الدرس أو الشرح، فيقول : هذا الدليل الأول للقول الأول، وهذا الاعتراض الأول على الدليل الأول، وهكذا ينبِّه الطالب على تقوية ذهنه حتى يستحضر المقروء ويفهمه.
ومما استفدته من الشيخ في الشرح الأصولي أنه ليس كل قول ورد في كتاب منسوباً إلى عالم يكون صحيحاً، بل قد يكون العكس. فنسبة قول إلى غير قائله مما يكثر في كتب الأصول، كما يُنسب إلى أبي حنيفة رحمه الله تعالى من الأحكام والتقريرات التي لم يقلها، إنما قالها بعض متأخري الحنفية على لسانه.
فمما سمعته منه : التثبُّت من أصل المسألة هو أهم من المسألة نفسها، أو كلاماً حول هذا المعنى.
وقد أخبرني أحد أساتذة مادة الأصول في السودان وهو الشيخ عبد العظيم رمضان أن الشيخ عبد الكريم في دروسه أو في كتبه له منهجية قلَّ من يتفطن لها، فهو يقارن بين المسائل ويربي الطالب على كيفية استخراج الترجيح ، وقد يترك الترجيح متعمداً لغاية نبيلة ، حتى يأخذ من المسألة كل متفقه ،ما يناسب حال بلده وظروفه الخاصة به.
وقد تأثر الشيخ بطريقة ابن السُّبكي والزركشي وزكريا الأنصاري رحمهم الله تعالى، في الجمع بين أصول الدين وأصول الفقه في الدرس الأصولي. فكان يربي الطلاب ويعلمهم تزكية النفس قبل الدرس وأثنائه، كوجوب طهارة الباطن وترك الذنوب والآثام وفعل المحرمات ونحو ذلك .
وهذا يعني أنه كان يشرح مسائل أصول الفقه مع التربية الإيمانية، لأجل طردد الملل عن المتعلمين وللتجديد في روح الدرس ولبه.
وقد رأيتُ هذا بنفسي مرات كثيرة عند حضور دروسه أو الاستماع إليها، فهو يربي النفوس على الورع والبعد عن الشبهات مع تحري الحلال ونحو ذلك من الفضائل التي يغفل أو يتساهل فيها كثير من الناس وبعضهم للأسف من المنتسبين للعلم وأهله.
فمرة من المرات في شرحه لآداب العالم والمتعلم من مقدمة الشاطبي في كتابه الموافقات، اطال في ضرورة تزكية النفس ووجوب البعد عن الحرام صغيره وكبيره،وقد تأثر الطلاب منها وانتفعوا انتفاعاً كبيراً. وهذه الدروس مسجلة ولله الحمد ومرفوعة على الشابكة.
والشيخ عبد الكريم من المعظمين لأقوال الجمهور، ولا يكاد يخرج عن أقوالهم إلا في القليل النادر، وذلك القليل سببه إما ذهول أو نسيان، وقد يُنبَّه على ذلك ويستدركه في محله أو متى ما سنحت الفرصة لذلك، شاهدتُ هذا بعيني وسمعته بأذني منه مرات كثيرة، وكان يقول إن بركة العلم لا تحصل إلا بمتابعة السُّنة وعدم مخالفة الحق والعدل، في الاقوال والمسائل.
وقال لي يوماً في آخر حياته إنني ندمتُ على عدم اشتغالي بالقرآن، وأخبرني أنه شرع في تفسير سورة الفاتحة ، لكن الأجل لم يمهله فقد توقف عند تفسير الآية رقم أربعين من سورة البقرة.
ومما حفظته عنه قوله : أي خطأ في مؤلفاتي فإني لم أقصده ولم أتعمَّده، وأرجو العفو والمغفرة من الله عن كل تقصير.
وكنتُ إذا أطلتُ الجلوس معه أو غيري من الناس، يستشهد بقول الله تعالى: ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس). وهي كناية مليحة منه على رغبته في الجلوس بمفرده للتفرغ للكتابة أو التدريس أو نحو ذلك .
وكنت إذا مشيتُ معه أو غيري مشى معه، يردد بعض الأبيات على وجه الدعابة، كتمثله بقول الناظم:
أفلس وأثواب وأرغفة.. وغلمة فاحفظها حفظ مجتهد .
وقول الناظم :
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها.. كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه
وقول الناظم :
يقول لي حداد وهو يقودني إلى السجن.. لا تجزع فما بك من بأسٍ
وقول الناظم :
لو كنتُ من مازن لم تستبح إبلي.. بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانِ
وهي أبيات يدرب بها طلابها على فهم الشوارد الأصولية ومناسباتها.
رابعاً : أهمية ربط الفروع بالأصول عند الشيخ :
حرص الشيخ عبد الكريم النملة رحمه الله تعالى على ربط الفروع بالأصول في سائر دروسه ومصنفاته، لأن القواعد الأصولية المجردة من الفروع قليلة النفع ضعيفة الأثر. وقد قال لي في أحد الأيام: (إن هناك من الناس من يقول أنتم معاشر الأصوليين في وادي والفقهاء في وادي آخر، فنحن نرد عليهم بتطبيق قواعدنا الأصولية على فروع الفقه لننظر صحة المقولة من عدمها ) . وقد نصحني أكثر من مرة بأن أفهم الروضة وأكررها في عدة مجالس، ثم أطبق قواعدها الأصولية على كتاب الكافي في الفقه الحنبلي، وقد اختار الكافي لأن مسائله في الغالب مبنية على أكثر من رواية وأكثر من دليل، فيمكن أن تظهر نتائج التطبيق الأصولي بدون إشكال أو التباس.
وقد أقام عدة دروس في ربط الفروع بالقواعد الأصولية، وبعضها مرفوع على الشابكة، والبعض الآخر مع الأسف لم يُسجَّل فلم يرفع.
وطريقته في ربط الفروع بالأصول أنه يورد الدليل من الكتاب والسُّنة ثم يستخرج منهما العموم والخصوص ،والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، ويبِّين أوجه العمل والتعبد في سائر العبادات والمعاملات. وإن كان هناك تعارض أو ترجيح نبَّه على القاعدة الأصولية في ذلك ، مع وجه الاستشهاد لذلك كله. ومن أراد الانتفاع الكامل وتفصيل هذه المسألة بشكل جيد فليراجع محاضرة ربط الفروع بالأصول ، وهي مرفوعة على الشابكة .
وقد سألته مرة عن أقصر طريق لفهم القواعد الأصولية مع الفروع الفقهية، فقال لي بما معناه : ( أقصر طريق هو العمل بالسُّنة القولية والسنة الفعلية الثابتة، لكن مع مراجعة كتب الفقه وفتاوى العلماء).
وقصد الشيخ من هذا البيان: أن المسائل الأصولية قد تكون غامضة وفيها التباس، لكن عندما نطالعها في كتب السُّنن الصحيحة ، فإن معانيها تظهر بشكل جلي، وتبقى بعض التفاصيل التي لا يقف عليها إلا الفقهاء في فتاويهم وتقريراتهم.
والشيخ في ربطه الفروع بالأصول يوضح إن كان في الدليل: قياس أو استصحاب أو استحسان أو قول صحابي أو سد للذريعة إو إجماع، ونحو ذلك من القواعد والمباحث اللازمة لتأسيس المعنى وتثبيته في ذهن الطالب أو المستمع.
وكذلك لا تخلو دروسه الأصولية كلها من بيان الدليل والتعليل وبيان المثال من الواقع المعاصر ووجه الاستشهاد، وبيان القياس بين الفرع والأصل والعلة الجامعة بينهما. ويورد أيضاً الحكم الوضعي ويبين العلاقة بينه وبين الحكم التكليفي، وهذا كله مما يرسخ القاعدة الأصولية في الفؤاد ويزيدها ثباتاً في الذهن.
وسألتُ الشيخ عن أفضل الحنابلة الذين أبدعوا في ربط الفروع بالأصول، فقال لي:( ابن القيم في إعلام الموقعين وزاد المعاد، والإمام ابن تيمية في شرح العُمدة ) .
خامساً : الكتب الأصولية المهمة عند الشيخ :
الشيخ عبد الكريم رحمه الله تعالى يوصي بدراسة الكتب الأصولية على جميع المذاهب، يبدأ الطالب بكتب الأصول المقررة في بلده، ثم إذا أحكمها انتقل إلى المذاهب الثلاثة الأخرى. ويميل إلى أنه من الخطأ دراسة أصول الفقه على مذهب واحد، لأنك لا تعرف علم شيخك وما أحاط به إلا عند الدراسة عند أكثر من شيخ أو عالم. ومراده من ذلك تحقيق الفائدة العلمية والعملية وليس تفضيل مذهب على آخر.
ولهذا يلاحظ في كتب الشيخ أنها على جميع المذاهب عند دراسة المسائل.
وقال لي مرة في مجلس الدرس : ( ليس كل الكتب الأصولية في تقرير المسألة وفروعها سواء، فبعضها مبهم وبعضها كجمال السماء) .
وقد أوصاني بمدارسة عدة كتب أصولية وأن أكررها في كل عام أو أطيل النظر فيها، وهي: روضة الناظر لابن قدامة، والإحكام لابن حزم ، وإرشاد الفحول للشوكاني، والبحر المحيط للزركشي، والتمهيد للأسنوي، وشرح مختصر الروضة للطوفي، وقواطع الأدلة للسمعاني، واللمع للشيرازي، والمسودة لآل تيمية ،والإشارة للباجي ، والموافقات للشاطبي، والميزان في أصول الفقه للسمرقندي .
وقال لي: ( إنه من الغلط الكبير أن يدرس الطالب أصول الفقه، ولا يمر على هذه الكتب كلها ) .
ومنهج الشيخ رحمه الله تعالى في اختيار الكتاب هو مدى استيعاب الكتاب للمسألة الأصولية وبيانها بالمثال والتصحيح سواء عند الجمهور أو عند مذهب المؤلف. لكن الشيخ في غالب أحواله لا يختار إلا مذهب الجمهور.
وقد أوردتُ في أول الذكريات أن الشيخ يميل إلى ضرورة تكرار الكتاب الواحد في المذهب الواحد ، لأن ذلك عنده أكثر تأصيلاً وتصويباً وأقوى لتوقد الذهن وتقوية القريحة .
والشيخ حنبلي في الفروع سلفي في الأصول ، وليس بأشعري كما يردد بعض المجاهيل في الإنترنت، وإن كان يميل إلى احترام آرائهم واستنباطاتهم ، لكنه يتعمَّد تدريب الطالب على روح النقد وعدم التقليد، ويترك الترجيح في بعض المسائل ليس عجزاً ، إنما تدريباً للطالب على البحث الحر المؤدب، وحتى يصل كل باحث إلى ما أقنعه دليله، وربما قصد من ذلك: جمع الكلمة والخروج من معترك الردود الكلامية والعقدية التي تضمنتها الكتب الأصولية .
سادساً : طرق الإفادة من مؤلفات الشيخ عبد الكريم النملة :
مصنفات الشيخ رحمه الله تعالى بعضها مختصرات وبعضها مطولات، فالمختصرات تسعة كتب : الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس، وإثبات العقوبات بالقياس، والواجب الموسع عند الأصوليين، وأقل الجمع عند الأصوليين، ومخالفة الصحابي للحديث النبوي، ومسألة تكليف الكفار بأحكام الإسلام، وتحقيق الأنجم الزاهرات في شرح الورقات. هذه سبعة كتب، وبقي اثنان توفي قبل اكمالهما هما: الكاشف عن مقاصد الشريعة، والتفصيل في الاحكام الفقهية. ولهذا طُبعا على حالهما بدون مراجعة.
فهذه الكتب للتطبيق العملي على التخريج الأصولي ومعرفة كيفية بناء المسائل. أما الأنجم الزاهرات شرح الورقات للمارديني، فنافع جداً في فهم المسائل الأصولية للمبتدئين والمتوسطين في تلقي هذا العلم.
والقسم الثاني من مؤلفات الشيخ فهي المطولات، وعددها اثنا عشر كتاباً وهي : المهذب في أصول الفقه المقارن، وإتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر، والخلاف اللفظي، وتحقيق الضياء اللامع شرح جمع الجوامع، ولم يكمله. وتحقيق شرح منهاج البيضاوي، ودلالات الألفاظ عند الحنفية ( وهي رسالته للماجستير )،وتحقيق نفائس الأصول( بعض أجزائه، وهي رسالته للدكتوراه ) ، وتحقيق روضة الناظر، والشامل في المصطلحات الأصولية ، وحاشية على منار السبيل، وحاشية على دليل الطالب، وحاشية على الروض المربع.
فهذه الكتب للشيخ يُستفاد منها في معرفة الأقوال وتفصيل المسائل والمباحث الطويلة والمذاهب وأدلتها ،وكيفية التمثيل والعزو والتخريج، ولا أنصح الطالب بمطالعتها إلا بعد إحكام فهم المتون الأصولية ،على كل المذاهب.
ومن الخطأ أن يشتغل بعض الطلبة بمدارسة هذه الكتب قبل أن يحكم متناً على أصول فقه المذاهب الأربعة، وبسبب هذا انتقد بعض المجاهيل في الإنترنت الشيخ في بعض المسائل ، لأنهم لم يدرسوا المسائل الأصولية على المذهب المقارن ، كما ينحو الشيخ في كل مصنفاته.
والذي جربته وجربه غيري أن مصنفات الشيخ رحمه الله تعالى ، يُستفاد منها في التخريج والتطبيق الأصولي، فقد أبدع في هذا المضمار وتميَّز عن غيره وانتفع به القاصي والداني.
فيمكن للطالب بعد هضم المتون الأصولية على المذاهب الأربعة ،أن يستفيد من طريقة الشيخ في التفريع والتطبيق والاستدلال والبناء الأصولي، فقد أوتي خيرا ًكثيراً في هذا الباب.
سابعاً : منهجه والاستدراكات على مؤلفاته :
قلت سابقاً في هذه الذكريات وفي غيرها، إن الشيخ عبد الكريم النملة رحمه الله تعالى حنبلي في الفروع سلفي في الأصول، ولا يصح أن يوصف بأنه أشعري أو أنه يميل لمذهب المتكلمين ،أو أنه كان يجامل طائفة على حساب طائفة، كما يردد بعض المجاهيل في الإنترنت .وقد عرفته عن قُرب وتأملتُ كلامه ومصنفاته، ولم أقف على خلاف ما قررته أعلاه. وقد كان يثني دائماً على ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ويوصيني بمؤلفاتهما في أكثر من مناسبة.
ومنهج الشيخ في الدرس الأصولي هو ترجيح قول الجمهور وأحياناً المشهور من الأقوال، وقد لا يتعقب دقائق المسألة أو جزئياتها إن كان فيها تعلق بعلم العقيدة أو إحدى مباحثها، وهذه قد يعدها البعض مزية والبعض يعدها هفوة قوية، وكل يعمل على شاكلته. لكن الشيخ كان يتتبع أصول الإمام أحمد في سائر بحوثه ومؤلفاته في المنهج العقدي، وفي الجانب الأصولي يمشي على جادة الجمهور في الأعم الأغلب.
وقد سألته مرة عن تعقب المسائل العقدية في كتب الأصول فقال لي : ( هذا جيد ومستحسن، لكن المادة الأصولية أو الكتاب الأصولي الأجود أن يُدرس منفرداً، ومسائل العقيدة تُدرس منفردة،حتى لا نشوش على الأذهان، والرجوع إلى الحق أحق ).
وقد أحالني رحمه الله تعالى إلى نحو هذا المعنى في كلام الشاطبي في الموافقات( 4/ 189) : وهو قوله : (ليس كل علم في الشريعة يطلب نشره بل منه مطلوب النشر وهو الغالب. ومنه ما لا ينشر بإطلاق، أو لا ينشر بالنسبة لحال أو وقت أو شخص.(
وكان الشيخ يحب لطلبة العلم كافة ،جمع الكلمة وتوحيد القلوب ونقاء السريرة ،والبعد عن المناكفات والمشاحنات الكلامية ،التي تُشغل عن العلم والطلب وتوغر الصدور.
وقد سألته مرة في المسجد عن حال فخر الدين الرازي(ت: 606ه ) رحمه الله تعالى، وهل من المفيد مطالعة مصنفاته؟ فأجابني: ( أن الرجل له وعليه، فيحسن مطالعة المفيد من كلامه وطرح ما لا فائدة منه). وأخبرني أنه هو نقد الرازي في بعض ما يكتبه ويلقيه على طلابه.
وسألته عن المسودة لآل تيمية، فأثنى عليها وقال ما معناه : إن فيها من دقائق الفهم ما لا يوجد في غيرها ، وقال أنصحك بدوام النظر فيها على معلم أو شيخ.
ومن العبارات التي يكررها لي كلما زرته أنه عند تحضير دروسه يراجع أول ما يراجع ما كتبه ابن تيمية في فتاويه ، وما كتبه ابن الجوزية في إعلام الموقعين.
وكان كتاب الكوكب المنير أنيسه وسميره في أغلب دروسه وتأصيلاته، لكنه قد يخالفه إذا كانت المسألة تحتمل النظر والتحرير.
ومن وصاياه لي عند البحث:أن الكتاب والسنة لا يجوز ولا يصح أن يُقدَّم غيرهما عليهما في الاستدلال أو الاستنباط ،وأن اعتني بفقه الصحابة وآرائهم ،وأن أقدِّر رأي الجمهور وأقدِّمه على غيرهم.
وقال إن الوسطية في باب العلم مطلوبة خاصة في أول الطلب، فيأخذ الطالب والباحث من كل الأقوال التي أمامه، ثم إذا نضج غربل الكل واصطفى لنفسه الأكمل والأصلح والأقرب لدينه.
وفي مرات كثيرة أزوره وأجدُ في يده أو على مكتبه ،كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية رحمه الله تعالى.
وفي يوم من الأيام تعمَّدتُ أن أسأله عن هذا الكتاب تحديداً، وهل أجاد ابن تيمية في مادة الكتاب، فقال ما معناه : إنه لو لم يكن لابن تيمية إلا هذا الكتاب لكفاه، ولكان سبباً في شهرة ابن تيمية في الأرض كلها، لحفظه هيبة العلم وأهله ،ومعرفته بفضلهم ودرجاتهم ،وعدم الاستعجال في التشنيع عليهم.
وقال ما معناه : إن بعض المتفقهة يشتغلون بالنقد العلمي وتتبع عثرات أهل العلم ،قبل استكمال الطلب، وهذا من أسباب ضعف الطالب في المستقبل.
ومن وصاياه للطلبة إذا درَّسهم أو زاروه: ضرورة تعلم منهج الإقناع العقلي الذي يسلم به الباحث أو القارىء أو المناظر بدون عنت أو خِصام أو لجاج. وكان يستشهد بعقل أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى، وأن تعلم ذلك من ضرورات هذا العصر.
ومما حفظته عنه أن العقيدة تُؤخذ من النقل وليس من العقل، لكن لو أمكن الجمع بينهما فتؤخذ منهما جميعاً، بشرط أن يُقدَّم النقل على العقل.
ومن الكتب التي كان يعتني بها الشيخ في مجالسه الخاصة رسالة الإمام أحمد في الأصول، فكان يذاكر بها بعض الطلبة الذين يوردون عليه المسائل، لأن أغلبهم من الحنابلة.
وقال: ( إنني على مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى في الصفات، ولا أخالفه إلا بسبب سهو أو ذهول).
والشيخ يتحرى الصحة والدقة في مؤلفاته، ولا يأنف من قبول النصح إن كان بأدب ووقار:
فقد قال في كتابه (الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس) (ص/7) : وبعد.. فقد بذلتُ في هذا البحث من الجهد ما الله به عليم، مستعيناً بعد الله بالمصادر المعتبرة من الكتاب والسُّنة وكلام أهل العلم في كتبهم الأصولية والفقهية، فما كان صواباً فبفضل الله وتوفيقه ، وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله، ورحم الله من أهدى إليَّ عيوبي).
وقال في كتابه: ( الواجب الموسع، ص/7و8) : ( وأعتذر للقارى الكريم عما قد يجد في هذا المصنَّف من نقص أو خطأ،ولا بد من ذلك، لأن الكمال لله وحده، وحسبي أني بذلتُ جهداً أرجو ثوابه من الله العليّ القدير، حيث لم أقصد في كل ما كتبتُ وما ذكرتُ في هذا الكتاب إلا بيان هذه الجزئية وإبرازها جلية لطلاب العلم).
وقال في كتابه الجامع لمسائل الفقه وتطبيقها على المذهب الراجح(ص/9):( لا أدَّعي أني أصبتُ في كل ما كتبتُ،لأن الكمال لله وحده، ويكفيني أني لم أقصد بهذا المصنَّف إلا نفع طلاب العلم ،وإعانتهم على فهم مسائل أصول الفقه) .
وقال قريباً من هذه العبارة في:( تحقيق شرح منهاج البيضاوي للأصفهاني) (1/29-30) وانظر خاتمته فقد كرَّر هذا المعنى (2/840).
وقد نبَّه الشيخُ في بعض كتبه على المسائل العقدية كما في حاشية روضة الناظر(1/200و 217و279و292)، وقد نبَّه في الموضع الأخير على وجوب إثبات صفات الله تعالى كما وردت عن السلف، واستدلَّ بقول الإمام مالك رجمه الله تعالى المشهور عنه.
وهو أمين في نقل الأقوال والعزو إليها بدون تعصب لمذهب دون آخر، والترجيح عنده غالبا بالكثرة وقوة القرينة.كما في مسألة انقراض العصر، فقد حكى الأقوال فيها للأئمة الأربعة والأشاعرة ،ورجح مذهب الجمهور الذي اختاره ابن قدامة رحمه الله تعالى.
انظر تحقيق روضة الناظر (2/475و485و،و454و601 ،وفيه إشارة لمذهب أهل السنة والجماعة، و617وفيه نقل لاختيار المجد ابن تيمية،و623وفيه استدراك).
وقد يتعقَّب ابن قدامة وينقده في نسبة الأقوال كما في تحقيق روضة الناظر(2/459و435و623و644).
وأحياناً يوازن بين أقوال أهل السُّنة وبين أقوال الأشاعرة والمعتزلة، لأن القصد معرفة جمع الأقوال بين مذهب أهل السُّنة ومذهب غيرهم، لا قصد مفاضلة غير أهل السُّنة على أهل السُّنة ،كما في تحقيقه لروضة الناظر(2/709و ،712و728و746).
وقد يرجح مثل ترجيحه قول الجمهور على غيرهم من أهل السُّنة ،كما في (2/724 و732)،وقد يذكر اختلاف اهل السُّنة في المسألة الأصولية فيما بينهم كما في (2/788).
والشيخ النملة يكره بحث المسألة بدون استيفاء معانيها الأصولية وفروعها الفقهية، في مجال تخصصه،سمعتُ هذا منه مراراً.
وقد أشار إلى هذا في تحقيقه شرح منهاج البيضاوي(2/756).
وقال ما معناه إن البحث الأصولي في بعض المسائل ينص على أن هذه المسألة مذهب الجمهور، وعند التدقيق والتنقيح يتبين عكس ذلك، فهذه من معضلات البحث العلمي الأصولي خاصة.
وقال أيضاً ما معناه : إن أكثر الأخطاء في كتب الأصول من هذا النوع، ويحتاج إلى دراسة اكاديمية لتناوله وبحثه.
وسألته عن مذهب الأشاعرة فقال: ( خُذ أحسن ما عندهم واترك ما لا يفدك من بضاعتهم، وقال إن أكثر العلماء هم من الأشاعرة، لكن عند العمل لا نُقدِّم على مذهب السلف أحداً).
وقال ما معناه : إنهم تميَّزوا بالتحقيق والتدقيق وقوة الهمة في البحث والتأليف.
وقد كان الشيخ عبد الكريم دائم المراجعة لكتب الحنابلة في الجانب الأصولي، وله ثناء خاص على ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، ويوصيني بمؤلفاتهما في أكثر من مناسبة.
وقد أحال على مؤلفات الشيخين في كثير من مصنفاته في الأصول، وقد رأيتُ هذا بنفسي مرات كثيرة عند اعداد أبحاثي وكتاباتي ،كما في كتابه: ( الرخص الشرعية واثباتها بالقياس)(ص/95و104)وفيه تقديم لاختياره على غيره من الفقهاء والأصوليين، وانظر: ( الأنجم الزاهرات) للمارديني بتحقيقه ( ص/156 ،84 )،وتحقيق شرح منهاج البيضاوي للأصفهاني (2/874)وكما في كتابه ( إثبات العقوبات بالقياس) (ص/66،31)،وكتابه ( أقل الجمع عند الأصوليين) (ص/77)وكتابه ( الواجب الموسع عند الأصوليين/ص121و217)وروضة الناظر(1/198).
وكان يعتمد في تخريج بعض الأحاديث على كتب الشيخين كما في (تحقيق منهاج البيضاوي) (2/824)،وانظر المراجع السابقة .
وبقية المقال في الجزء الثاني والأخير .