لم يدر بخلد مايكل هارت ( ت : 1350هـ) الأمريكي اليهودي ، عندما حرَّر كتابه” الخالدون المئة، أن الغرب سيشتمون الحبيب صلى الله عليه وسلم، ، وكان أولهم في صدر كتابه : محمد بن عبد الله ( ت: 11هـ ) صلى الله عليه وآله وسلم .

 
يعتقد كثير من الناس أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم معلومة لكل الأجناس البشرية . وهذا غلط محض . اذ إن الاسلام قد طبق الكرة الأرضية بأسرها كهوية دينية ، لكن الرموز الاسلامية التي كانت سببا في انتشاره لا يعرفها الا قليل من المثقفين والمفكرين في الغرب . أما عامة الناس في البلاد الكافرة فقليل منهم من طالع او تفحَّص سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم .
 
ولو وقف العامة والخاصة على سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، لذرفت منهم العيون واشتاقت الأفئدة الى رؤيته والسلام عليه -بأبي هو وأُمي – والانصات الى كلامه وفدائه بكل غالي ونفيس .
 
لقد تمنى ورقة بن نوفل( ت: 12ق. هـ ) رضي الله عنه ، أن يعود شابا فينصر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تشتد عليه المحن والكروب .
وقد تمنى هرقل عظيم الروم غسل قدمي الحبيب صلى الله عليه وسلم ، لما سمع بأوصافه وجميل أخلاقه في القصة المشهورة عنه .
 
وقد قيدت كتب السيرة النبوية صفحات كثيرة ، في ترجمة صناديد الكفر الذين لم يكن أحد من الناس يومئذ يطمع في اسلامهم، بسبب عنادهم وجبروتهم وهيبتهم عند قومهم ،لكنهم أسلموا وأصبحوا منارة للهدى والخير عبر التاريخ .
 
كيف لو قرأ الغرب تعامل الحبيب مع صناديد الكفر في مكة والمدينة والطائف ؟!. كيف لو قرأ الغرب موقف الحبيب صلى الله عليه وسلم من حلف الفضول الذي رفع فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم راية الحق والانتصار له ؟! .
 
كيف لو قرأ الغرب ثناء الحبيب صلى الله عليه وسلم على نجاشي الحبشة الذي لا يُظلم عنده أحد ؟! . 
 
كيف لو قرأ الغرب سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما آخى بين المهاجرين والأنصار ، بمنهج أبهر علماء الاجتماع في العصر الحديث ؟! .
 
أخال أنهم لو قرؤوا ذلك ! لازدادوا به فخرا ، وازدانوا به جمالا وكمالا . 
 
*معالم مهمة في الافادة من سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم :
 
1- ترجمة ونشر كتب السيرة النبوية الصحيحة المتلقاه من المصادر الاصلية ، إلى اللغات العالمية ، أمانة على عاتق علماء العالم الاسلامي بمساندة الجامعات والهيئات الاسلامية ، ويتم تمويل هذا المشروع من أموال الزكاة الواجبة في أموال المسلمين .
 
2- التركيز في ترجمة سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم على جوانب الرحمة والرأفة مع البر والفاجر والمؤلفة قلوبهم واحسانه للبهائم . والوقوف عند الأساليب النبوية في دعوة المشركين بالتي هي أحسن .
 
3- عرض معجزات الحبيب صلى الله عليه وسلم وتقريب مدلولها الشرعي والمعنوي في هداية الإنس والجن كما ثبت ذلك في الأدلة الصحيحة .
4- بيان كمال أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته وسيرته وتعامله مع البر والفاجر . وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن لعانا ولا طعانا ولا فاحشا ولا صخَّابا في الأسواق .
 
5- عرض أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم مع سفراء الجيوش والأعداء ، ووفائه صلى الله عليه وسلم بالعهود والأمانات ، وتعامله الكامل والفاضل مع الأسرى والمحبوسين .
 
6- بيان حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع أزواجه وخدمه ومواليه ، ومن ذلك قول أنس بن مالك (ت: 93هـ ) رضي الله عنه : “خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أفٍ قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا “. أخرجه مسلم في صحيحه .
وقول امِّنا عائشة(ت: 57هـ ) رضي الله عنها : 
 
:” مَا ضرب رَسُولُ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يجاهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قط فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فينتقم لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ “. أخرجه مسلم في صحيحه .
 
7- شرح أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم في أسفاره ورحلاته، وعرض أخلاقه أثناء ذلك، كما في قصة الهجرة وتحنثه في الغار ، وغيرها ، مع بيان توكله على ربِّه وثباته في الأزمات .
 
8- تحليل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في الجوانب التعبدية والانسانية ، واقباله على ربِّه وحسن ظنه به ونصرته للضعفاء والمساكين والمحرومين . وعرض نوادر من احسانه للنساء والتوصية بهن في آخر حياته صلى الله عليه وسلم . وأنه كان يوصي بحضورهن صلاة العيد ، وهذا من كمال أخلاقه في الاهتمام ببهجتهن في الاسلام .
 
9- عرض نوادر سيرته صلى الله عليه وسلم، مع صحابته وشفقته عليهم وتربيته لهم حتى أصبحوا مثالا في عالم العظماء . وقد كانوا لا يطيقون فِراقه صلى الله عليه وسلم ،كما قال عمرو بن العاص( ت: 43هـ ) رضي الله عنه :
 
“لقد رأيتني وما أحد أبغض إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحب إليَّ أني استمكنت منه فقتلته، ولو أني مِت على تلك الحال لدخلت النار، فلما شرح الله تعالى صدري للإسلام أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضتُ يدي، قال: مالك يا عمرو ؟ قلت: يا رسول الله! أشترط، قال: تشترط بماذا؟ قال: قلت: أشترط أن يغفر لي. قال: يا عمرو ! أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ أما علمت أن الهجرة تهدم ما كان قبلها؟ أما علمت أن الحج يهدم ما كان قبله؟ ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من كل شيء، وما كنت أطيق النظر إلى وجهه، ولو أني سُئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني من النظر إليه صلى الله عليه وسلم ” . أخرجه مسلم في صحيحه . 
 
10- بيان تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم وشفقته على أخلاق الأطفال وغيرهم ، والعناية بهم وحسن تربيتهم على الشمائل الحميدة . وتحذيرهم من الشمائل الذميمة المنبوذة، كما قالت عائشة رضي الله عنها :” ما كان من خُلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث فيها توبة ” . أخرجه الترمذي باسناد صحيح .
 
إن تبليغ سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الغرب في مؤتمراتهم ومجمعاتهم ومنتدياتهم واعلامهم المرئي والمسموع والمقروء ، من أعظم أبواب الأجر الدائم الذي لا ينقطع . 
 
نسأل الله أن يسخر لذلك من يقوم بهذه الأمانة العظيمة .
 
هذا ما تيسر تحريره . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
 
أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة