بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
فهذه مجموعة دروس منهجية مُوجزة ، في تـأسِّيس المَلكة الأُصولية ، كانت في الأصل مذاكرة بيني وبين الطلبة في مجالس العِلم عند شرحي لبعض كتب الأُصول والفقه .
وقد طلب كثيرٌ منهم أن أُفردها في رسالة خاصة وأرتِّبها وأُحرِّر بعض مسائلها ومباحثها باختصار من غير تعقيد ، كي يستفيد منها من يقف عليها من محبِّي هذا العلم .
وقد التزمتُ فيها بالتقريب والتهذيب والتصويب والأمثلة بقدر الطاقة ، نسأل الله أن يتقبَّلها بقبول حسن .
والملَكَة الأُصولية عِلمٌ مُستطابٌ رغم دِقَّته ونُدرة موارده.
ومن سَبر مقالات العلماء الضالِعين في علم الأصول والفقه، وأطال النظر في فتاوى المجامع الفقهية والبحوث المحكَّمة، بان له أهميةُ الملَكة ودورها في شحذ الهمَّة وفتق الذِّهن.
وتأسِّيس المَلكَة الأصولية يكون بفهم المباحث التالية :
أولاً : ما المقصود بالملكة الأصولية :
المقصود بالمَلَكة الأصولية: أن تكون لدى المحب للعلم أو الباحث في مسائله مهارة يقتدر بها على استخراج الأحكام من مآخذها، وقوة على تحليل النصوص الشرعية وأقوال الأئمة والفقهاء مع فهم تام للمقاصد العامة للشريعة الإسلامية .
فالمَلكة صفة راسخة في النفس، أو استعدادٌ عقليٌّ يُمكِّن صاحبه من الحذَق والمهارة في عمل معيَّن. وجميع الُّلغويين قديماً يُجمعون على أن الملَكة استعدادٌ نفسيٌ تُفطر عليه القلوب ، ويمكن تنميته وتهذيبه مع الأيام والسِّنين.
والملَكة الأُصولية، تُحقِّق الفهم لمقاصد الكلام الذي يُسهم في التمكُّن من إعطاء الحُكم الشرعي للقضية المطروحة، إما بردِّه إلى مظانِّه في مخزون الفقه، أو بالاستنباط من الأدلة الشرعية أو القواعد الكلية.
ومما يُقرِّب هذا المعنى تعلم زيد بن ثابت رضي الله عنه للغة اليهود وخطوطهم والكتابة لهم في نحو اسبوعين، ورواية الخبر في الترمذي بإسناد صحيح . وقد وضح هذه المسألة الطحاوي(ت: 321هـ) رحمه الله تعالى في كتابه ( المختصر ) فراجعها إن شئت .
ويُقاس على هذا تعلُّم الأحكام والفروع والمسائل الخلافية .
والمَلكةُ الأُصولية لها خمسةُ أركان : الإستعداد النفسي والإجتهاد ومعرفة الأدلة الشرعية وفهم المصطلحات وتحرير القواعد .
وسيأتي توضيح لهذه الأركان في الدروس الآتية إن شاء الله تعالى .
وقد أشار الكيا الهرَّاسي (ت: 504هـ) رحمه الله تعالى إلى أهمية الفِطنة عند الشُّروع في تنمية الملكة الأصولية، فلا تحصل إلا بمعرفة المسكوتِ عنه من المنطوق. وسيأتي تفصيل ذلك في الدروس اللاحقة.
وقد حثَّ الإمام الزركشي (ت:794ه) رحمه الله تعالى على أهمية العناية بالملَكة الأصولية التي تقوم على تتبُّع ألفاظ الوحيين واستخراج المعاني منها، وهذا مطلب مهم بل مرتبة عالية لا يُمكن نيلها بالأماني ورصف الألفاظ والمعاني.
وقد أردف ذلك بضرورة تلخيص المسائل والترقِّي في علم الأُصول عن طريق معرفة الصحيح ثم السقيم، ولن ينال ذلك إلا بالصبر والمصابرة ومداومة الطلب.
وقد وضَّح المرداوي (ت: 885هـ) رحمه الله تعالى هذا المعنى أتمَّ إيضاح حين ذَكر في كتابه “التحبير” أن السجية والقوة النفسية هي عامل مهم ورئيس لتنمية المَلكة الفقهية والأصولية.
أما كيف تنشأ هذه القوة النفسية، فلا شك أنها بالمِراس وكثرة النظر في كتب العلم والمخالطة للعلماء والأُصولييِّن خاصة ، وإطالة النظر في الفتاوى والنوازل والرجوع إلى بُطون كتب التراث لاستخراج تقريرات المحقِّقين حول المدلهِّمَّات الشرعية.
وقد أشار ابن حجر الهيتمي (ت: 973هـ )رحمه الله تعالى إلى هذا المعنى، وقال إنه لا بُد أن يُخالط طالب الملَكة الفقه حتى يختلط بلحمه ودمه.
انظر: (البحر المحيط للزركشي 1/272، و4/ 489، والتحبير والتنوير للمرداوي 232، والمجموع للهيتمي 411، وشرح مختصر الروضة للطوفي 3/ 192. وينظر مادة (مَلكَ) في تاج العروس للزبيدي 8/334، ونشر البُنود للعلوي 1/ 78 ) وفيه تنبيه أن الملَكة سجيةٌ تحصلُ بالممَارسة .
ومن أراد أن يصل إلى هذه المرتبة وهذا الشرف فعليه بتكرار قرآءة وتدبُّر كتابين مُهمَّين عشرين مرة على أقل تقدير : مختصر روضة الناظر للبعلي(ت: 709هـ ) وزاد المستقنع للحجَّاوي (ت: 968هـ ) رحمهما الله تعالى ، أو غيرهما من المتون المجودة في الأصول والفقه.
وليكن ذلك مع معلم أو رفقة تُعينه على العلم والفهم . فبالصبر والمِران تتأسَّس وتظهر الملَكة حتى تكون صفةً راسخة لا تمحوها الأيام والليالي . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنَّ أفضل عيشٍ أدركناه بالصبر، ولو أنَّ الصبر كان من الرجال كان كريماً ) .
ولن يصل إلى هذه المنزلة ( إلا من وفر حظُّه من علوم المعقول والمنقول، وتبحَّر في الفروع والأصول، ثم أكبَّ على مطالعة هذه الفُصول بمسكة صحيحة، وقريحة نقية غير قريحة ) .
انظر: ( أحكام القرآن للهرَّاسي : 1/5 ) .
ثانياً: ما الفائدة من تحصيل المَلَكة الأُصولية ؟ :
ثمراتُ المَلكة الأُصولية كثيرة لا يُمكن حَصرها في سطور موجزة. لكن من خلال الإشارة للمعاني العامة يمكن بيان فوائد المَلكة الأصولية .
فأعظم فائدة للملَكة الأصولية خاصة وللملكة الشرعية عامة هي فهم مراد الله تعالى ، وتحقيق العبودية له بالخضوع لأمره ونهيه . وقد قال الله تعالى على لسان نوح ، عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام:
(أبلغكم رسالاتِ ربِّي وأنصحُ لكم وأعلمُ من الله ما لا تعلمون )
[ الأعراف 62] .
والعلم بالله تعالى هو فهم مُراده مع التعبد له بما شرعه سبحانه وتعالى.
وإذا خضع المسلم لأمر الله ونهيه ، تحقَّق العدل والأمن والطمأنينة كما في قصة الحرث ، مع داود وسليمان عليهما وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام :
فقد فهَّم الله سليمان حكمه ومراده ، لمراعاة مصلحة الطرفين مع العدل، فحَكم سليمانُ على صاحب الغنم بإصلاح الزرع التالف في فترة يستفيد فيها صاحب الزرع بمنافع الغنم ، من لبن وصوف ونحوهما، ثم تعود الغنم إلى صاحبها والزرع إلى صاحبه ؛ لمساواة قيمة ما تلف من الزرع لمنفعة الغنم. وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء .
وكذلك في قصة أصحاب الكهف وقصة مؤمن آل فرعون وقصة الهجرة النبوية وقصة حادثة الإفك ، فهي كلها من موارد التعبد لله بأمره ونهيه ومعرفة قضائه وقدره وسننه ، ثم بعد ذلك نستلهم منها الأحكام والأمر والنهي ونحوها من الأحكام الأصولية .
وهذه هي المنهجية الصحيحة لفهم الأصول : أن تقرن مع فهم النص تعظيم النص ومُنزله ومُبلِّغه صلى الله عليه وسلم ، وأن تملأ جوارحك وحواسَّك بهيبته وقيمته الإيمانية والتربوية حتى تنتفع به أكمل انتفاع .
والدليل على هذا حديث مسلم مرفوعاً :
” وإن حاصرتَ حِصنًا فأرادوكَ أن تجعلَ لَهم ذمَّةَ اللَّهِ وذمَّةَ نبيِّكَ، فلا تجعل لَهم ذمَّةَ اللَّهِ ولا ذمَّةَ نبيِّكَ ولَكنِ اجعل لَهم ذمَّتَكَ وذمَّةَ أبيكَ وذمَّةَ أصحابِكَ، فإنَّكم إن تُخفروا ذمَّتَكم وذمَّةَ آبائِكم أَهونُ عليْكم من أن تُخفروا ذمَّةَ اللَّهِ وذمَّةَ رسولِهِ ، وإن حاصرتَ حصنًا فأرادوكَ أن ينزِلوا على حُكمِ اللَّهِ فلا تُنزِلهم على حُكمِ اللَّهِ ، ولَكن أنزِلهم على حُكمِكَ فإنَّكَ لا تدري أتصيبُ فيهم حُكمَ اللَّهِ أم لا” .
ومن خلال الملكة الأصولية يمكن معرفة أحوال المقلِّدين والمجتهدين وكذلك قواعد الاستنباط وأحوال المكلفين ودرجات الإجتهاد وكيفية تحرير الخلاف والترجيح بين المسائل .
ومن خلال المَلكة الأُصولية يمكن معرفة مناط الحكم ، كما في مسألة من زنى بامرأة ثم أراد العقد عليها للزواج بها بعد أن حملت منه . ففي
هذه المسألة يكون العقد صحيحاً ، وإن كان ينوي الطلاق، لكن لا يجوز له أن ينسب الولد الناتج عن الزنا إليه؛ لأن النَّسب فرع عن عقد النكاح الشرعي، وولد الزنا يُنسب إلى أمه فقط، ولا يُنسب إلى من كان سببًا في الحمل، فالتستُّر عليه يعني أن يُدخل في الأسرة من ليس منها، وهذا محرم ويترتَّب عليه أحكام كثيرة لا أصل لها شرعًا؛ كالإرث وبقيّة أحكام النسب، ويتحمّل المسؤولية أمام الله تعالى من كان السبب في هذه الأحكام التي أعطيت لغير مستحقِّيها.
ومثال آخر يشكل على بعض الناس مناط الحكم فيه ، وهو توزيع الأب لأملاكه في حياته .
فما يمنحه الأب في حياته لأولاده هو من باب (العطية)وليس من باب الميراث ، وتستحب التسوية في عطية الأولاد ولا تجب، سواء كانت هبة أم صدقة أم هدية، بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى إلحاق ظلم بأحد الأولاد، أو قصد حرمان من الميراث؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه “فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعدِلُوا بَيْنَ أَولاَدِكُم”.
والأفضل عند قيام الأب بتوزيع أملاكه حال حياته أن يقوم بكتابة ذلك والإشهاد عليه والتنازل في المحكمة الشرعية ؛ قال الله تعالى: “وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُم” [ البقرة: 282] . .
قطعاً للنزاع. وللموهوب له قبول الهبة أو رفضها، فإن رفضها الولد قبل قبضها رجعت إلى أبيه إذا كان حياً، ولورثته إذا كان ميتاً.
ولا تلزم هذه الهبة ولا تخرج عن ملك الوالد إلا بالقبض والتسجيل، وللوالد الرجوع في هبته قبل ذلك، وله الرجوع بعد التسجيل بشرط أن لا يكون قد تصرف بها الولد.
ثالثاً : طرق استمداد الملكة الأصولية :
الملكة الأصولية تستمد من ألفاظ الكتاب والسنة ومن اللغة العربية وعلومها . ويمكن استمداد الملكة الأصولية من تعليلات الأحكام وأقوال الفقهاء واستنباطاتهم .
والأمثلة الآتية توضح ذلك :
1-قول الله تعالى : ” فتحرير رقبة “ [ المجادلة: 3] .
يدلُّ هذا النص أصوليا أن الأمر المطلق لا يمكن امتثاله إلا بتحصيل المعيَّن . وهنا هو اعتاق الرقبة . فالمأمورُ به يُعمل به كما أمر الله بفعله ، بلا زيادة أو نقصان .
2-قول الله تعالى : ” فأَجِره ُحتى يسمعَ كلامَ الله [ التوبة : 6] .
” يدلُّ هذا النص أصوليا على أن كلام الله له ألفاظ ومعاني وأنه منزَّل غير مخلوق .
3-قول الله تعالى : ” ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح
المحصناتِ المؤمنات فمن ما ملكت أيمانُكم من فتياتكم المؤمنات “ . [ النساء: 25 ] .
يدلُّ هذا النص أصولياً على تخصيص المؤمنات للزواج منهن عند الرغبة في النكاح وعدم تفضيل غيرهن عليهن .والإيمان( المعتقد الصحيح ) صفة مخصِّصة من أنواع التخصيص المتصلة .
4-قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويلات ولا الخفاف ” متفق عليه . يدل هذا النص أصوليا على أنه يجوز للمفتي أن يجيب بأكثر مما سئل عنه .لأن السؤال في الحديث كان عما يلبس المحرم من الثياب ؟ ، والجواب منه صلى الله عليه وسلم كان مُفصَّلاً .
5-قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ، ثم أدَّاها كما سمعها ” أخرجه أبو داود بإسناد صحيح.
يدلُّ هذا النص أصوليا على جواز رواية الحديث بالمعنى .
6-قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإنكم إذا قلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض ” . متفق عليه . يدلُّ هذا النص أصوليا على أن الجمع المذكر يفيد العموم . والعموم هو الإستغراق لكل عبد صالح في السماء والأرض .
7- قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” أُنزل القرآن على سبعة أحرف” متفق عليه . يفهم منه صلة القرآن باللغة وعلومها ومعانيها.
وهذا النص يدلُّ أصولياً على أن فهم لغة العرب ضرورة لفهم هدايات الآيات . فلا يصح حينئذٍ حصر القرآءات في سبع كما يظن بعض الناس ، وقد قال ابن العربي رحمه الله تعالى إنه هذا باطل ولا دليل عليه .
انظر: ( البحر المحيط 2/ 220) .
8-استدل الإمام الشافعي (ت: 204هـ )رحمه الله تعالى على عدم جواز نسخ القرآن بالسنة ونسخ السنة بالقرآن بأن القول بتجويز النسخ في المسألتين يؤدي الى مفسدة ، وهي جواز أن يقال إن ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته يحتمل أن يكون قبل أن ينزَّل عليه بعض الآيات ، مما يكون ذريعة لرد بعض السُّنن أو كلها .
انظر : ( الرسالة للشافعي/ص 112) .
وهذا القول يدلُّ أصولياً على ضرورة تمِّييز حجج الأقوال في مسائل الأصول إن لم يكن الترجيح فيها ظاهراً .
9-احتجاج الإمام أحمد(ت: 241هـ) رحمه الله تعالى بالحديث الضعيف . والضعيف عنده هو قسيم الصحيح ويَقصد به الحسن ، وكان يُقدِّمه على الرأي والقياس . هذا القول يدلُّ أصوليا على ضرورة فهم الباحث لمعاني مصطلحات الأئمة في مذاهبهم وعدم تخطئتهم بدون مراجعة لأصولهم .
10-حروف المعاني وحروف المباني : تدلُّ أُصوليا على تقريب المعاني ومعرفة الدلالات في الجمل والعبارات. والاعتناء بها يختصر على الطالب نصف أبواب الأصول، بشرط فهم شروطها وضوابطها .
فالمعاني هي: الحروف التي تربط الأسماء بالأفعال والأسماء بالأسماء، وتدلُّ على معنى في غيرها، ويطلق عليها حروف الربط، وهي خمسون حرفًا. وحروف المباني: هي الحروف التي تكون في بنُية الكلمة والغرض منها بناء الكلمة لا الدلالة على المعنى فحسب، وتسمى حروف التهجِّي، وهي الحروف الثمانية والعشرون المعروفة. وحروف المعاني قد تكون همزة وقد تكون حرفين كـ (إن) الشرطية وقد تكون ثلاثة حروف كـ (إلى)، ويتضح الفرق بين حروف المعاني وحروف المباني في المقارنة بين قول الله تعالى: “ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون” . [ النحل : 32 ] .
وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله” متفق عليه .
فالباء في الآية الكريمة يقُصد به المقابلة، وفي الحديث الشريف يُقصد به السببية، وبهذا يزول التعارض بين النصين.
انظر: (كشف الأسرار على أصول البزدوي، عبد العزيز البخاري 2/160،) و(الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 2/140)، و (البرهان في أصول الفقه للجويني 1/136)، و(الكوكب الدُّري في تخريج الفروع الفقهية على المسائل النحوية للأسنوي 232 – وما بعدها) ، و(درر الحكام لخواجه أفندي1/10) ، و(غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر 17للحموي )، و(القواعد المشتملة على الترجيح للعزاز- انظر الفهرس العام ).
ومن الأمثلة الموجزة أيضاً على أهمية اللسان العربي في صقل الملكة الأصولية قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” الراكبُ شيطان والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب ” أخرجه الترمذي بإسناد صحيح .
فهذا النص يدلُّ أصوليا على أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة ، ولا يطلق الجمع على الاثنين والواحد إلا مجازاً عند كثير من أهل العلم . وفي التأصيل الفقهي لو قال قائل : ( والله لا أُكلِّمُ رِجالاً ) فإنه يحنث إذا كلَّم ثلاثة رجال ، ولا يحنث إذا كلَّم اثنين أو واحداً . والله وليُّ التوفيق .
انتهى الدرس الأول ويليه الدرس الثاني ، إن شاء الله تعالى.
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
1441/1/9هـ