توقفنا في الدرس الفارط عند خاتمة أركان المَلكة الأُصولية ، وقد كان آخرها تحريرُ القواعد، وقد ضربنا بعض الأمثلة والتوضيحات اللازمة لبيان المراد من ذلك كُّله.

وقبل الإنتقال إلى مبحث مهارات البحث في الكتب الأُصولية ،أُوكِّد على ضرورة تكرار متن في الفقه مع متن وشرحه في الأصول ، لأن هذا المسلك سَيُفيد الباحثَ في الرسوخ والثبات على منهج أُصولي محض إن شاء الله تعالى.

سابعاً : مهارات البحث في الكتب الأُصولية :

المقصود بمهارات البحث في الكتب الأصولية : الطرق والأساليب الذِّهنية الذكية التي يُمكن من خلالها فهم واستيعاب الأطروحات العلمية الأصولية بأيسر السُّبل ، وهي مناسبة للمذاكرة في هذا الفن ، وبدونها تضعف المَلكة أو تتفرَّق جهود الدراسة والبحث ، وكما قيل من ذاق عرف ومن عرف اغترف:

أ-ملاحظة مذهب المصنِّف :

عند مطالعة متن أو شرح في الأُصول، فإنه من اللازم معرفة مذهب صاحب الكتاب ، من الناحية الأُصولية والعقدية، يعني هل هو حنبلي أم شافعي أم مالكي أم حنفي أم ظاهري ، هل هو زيدي أو شيعي أومعتزلي أو أشعري أو ماتريدي أومتكلِّم ، أو من أهل الحديث ؟ ، ونحو ذلك من الإنتماءات إلى فرقة أو مذهب أو جماعة معتبرة مشهورة ، لأن ذلك يعطي انطباعاً أولياً في الإتجاه الذي يسلكه صاحب الكتاب ويُنافح عنه.

 وطالب الحق أو الباحث عنه، يستفيدُ من كل كتاب وكل متن وكل مصنِّف ، بشرط أن يكون راسخاً في العلم ، وأن لا يعتقد الباطل أو الإنحراف الذي نبَّه عليه جماهير العلماء في بعض مسائل الأصول والمعتقد ،ومنهم الأئمة الأربعة في اعتقادهم وأُصولهم التي يدينون الله بها .

ومن توفيق الله تعالى ثم فطنة الشيخ عبد الرزاق عفيفي(ت: 1415هـ) رحمه الله تعالى لهذا الجانب الأصولي العقدي، فقد ألهمه الله أن ينخل كتاب الإحكام لأصول الأحكام للآمدي(ت:631هـ ) رحمه الله تعالى، حيث استخرج شوائبه العقدية والأُصولية ونبَّه على المآخذ عليه ، ولم يدع إلى نبذه وهجره.

والنظر إلى المسائل والحكم عليها في الغالب يؤثِّر عليها التربية العقدية أو المذهبية ، ثم ترسخ عند العمل بها أو الإقتناع بمضمونها ، وهنا مكمن الخطر في اعتقاد المذاهب المخالفة والمنحرفة عن جادَّة أهل الحديث وهم أهل السنة والجماعة.

ولتجنب خطر الإنحراف الأُصولي العقدي ،يلزم الباحث أو المطالع لعلم الأصول ،أن يدرس معتقد أهل السنة والجماعة على علماء أو طلبة علم مُتقنين، لأن الفِطام عن المألوف شديد كما قال الغزالي رحمه الله تعالى في (المستصفى ص/27)،حتى يأمن الوقوع في المخالفات العقدية ،إما عن طريق المسائل الُأصولية مباشرة ، أو دسِّها في الكتب الشرعية الأخرى.

وبعض أهل التصنيف يُبغضون شرع الله وهدي محمد صلى الله عليه وسلم عناداً، كما هو مشاهد من العلمانيِّين والليبرالييِّن اليوم ،وبعضهم يجهل الحق والهدى ، فيضيع بسبب تصنيفه كثيرٌ من الناس .

وقد قال ابن تيمية (ت:728هـ)رحمه الله تعالى:”يوجد في كثير من المصنفات في أصول الفقه وأصول الدين والفقه والزهد والتفسير والحديث ،من يذكر في الأصل العظيم عدة أقوال ، ويحكي من مقالات الناس ألواناً ، والقول الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يذكره ، لعدم علمه به ، لا لكراهته لما عليه الرسول “.

(انظر : شرح حديث النزول/ 343) .

ب-الإطِّلاع على أكثر من شرح للمتن الواحد :

وهذا يُفيد الباحث والمطالع في مسألة التدرج في سلم المسائل والتنقير عنها في المصنفات.

 فلو احتاج أن يبحث عن أقوال العلماء في مسألة (غَلبة الظن ) ومتى يُؤخذ بها ومتى لا يُؤخذ بها ، فإنه لن يبحث عنها مثلاً في الورقات للجويني ولا بُلغة الوصول للكناني ولا التحرير للمرداوي رحمهم الله تعالى ، لكنه سيجدها في أُصول الفقه لا بن مفلح ،وإحكام الفصول للباجي ، والمسوَّدة لابن تيمية ، رحمهم الله تعالى، وغيرها من الشروح والتعليقات في مصنفات الأصول.

وفائدة أخرى مهمة أن مطالعة المتن ثم الرجوع إلى الشرح ثم الترقِّي إلى شرح آخر ثم إلى ثالث وعاشر ، تُنمِّي مَلكة البحث وتُرسِّخ الفائدة في الدِّماغ ، وتُحفِّز النظر والتدبر للمصطلحات والرموز ونحو ذلك من المعاني النافعة.

ج-جرد الكتاب كله إن كان ذلك ممكناً :

عند مطالعة متن أو شرح في علم الأصول ، من الأكمل والأحسن جرده كاملاً ، والمقصود بالجرد : فحص مسائل الكتاب وانتقاء فوائده بمطالعة المقروء قرآءة سريعة ،لمعرفة أماكن المسائل المهمة واللازمة حتى يمكن الربط بينها في الذِّهن.

وقبل جرد الكتاب يُقسَّم إلى ثلاثة أو خمسة أو سبعة أقسام ليسهل مطالعته وبحث مسائله . فبعض الناس يملُّ إذا رأى الكتاب في خمسمئة صفحة ويصيبه اليأس والفتور ، لكن عند تقسيم الكتاب يسهُل ذلك على النفس ،فيمكن قرآءته على هيئة أجزاء في يومين أو أسبوع أو عشرة أيام .

ومن الأخطاء التي لا يتنبَّه لها كثير من الباحثين والمطالعين : أسلوب تقطيع القرآءة ،وهذا الأسلوب هو سبب العزوف وهجر الكتاب في الغالب.

 وتقطيع القراءة المقصود به: قرآءة مقدار ربع ساعة ثم تَرك الكتاب والرجوع إليه من الغد لمدة خمس دقائق ،بدون اكمال الجزء المقرَّر قرآءته سابقاً.

فهذا الأسلوب لا يُنمِّي المَلكة بل يَحرمها من الوصول إلى الغاية المنشودة.

والمأمول منك بعد أن تفرغ من قرآءة هذا الدرس ،أن تبدأ بجرد كتاب المقدِّمة الُأصولية لابن هبيرة (ت:560هـ)رحمه الله تعالى ،وهي في خمسين ومئة صفحة ، مُتبعاً المنهج الموضَّح أعلاه وهو تقسيم الكتاب إلى أجزاء.

د-الإفادة من الحواشي وعدم طرحها إو اهمالها :

المقصود بالحواشي : ما تُذيَّل به صفحة المتن أو الشرح من فوائد وإيضاحات. بعض الباحثين وطلاب العلم لا يلتفت لهذه الحواشي ويظن أنها جوانب فنية للكِتاب وليست ذات فائدة .

 والصحيح أن هذه الحواشي في كتب الأُصول خاصة ، من ضروريات الفهم والنظر، لأنها في الغالب مفاتيح لمستغلق المتون والشروح ،كبيان معنى المصطلحات الغامضة ومرادفاتها ومعرفة مصادرها ومواردها ،مع الإشارة فيها إلى الإحالة على مباحث أخرى مكمِّلة للمعنى في نفس الكتاب أو في كتاب آخر.

ومن اللطائف هنا أن الكتاب لا يُشترى أحياناً إلا إذا كانت حواشيه قوية وجذَّابة ، أما الكتاب عديم الحواشي أو ضعيفها ،فلا يكون مدعاة لشرائه والتسابق لاقتنائه في الجملة .

هـ-المقارنة بين الأقوال في المسألة والتميِّيز بينها:

فالمقارنة هي معرفة الوِفاق والخلاف بين الأقوال ، والتميِّيز معرفة مراتب القوة والضعف بينها.

وهذه لا تُدرك إلا بالممارسة وكثرة النظر وتقليب الصفحات باستمرار.

فعلى سبيل المثال مسألة الحِيل الشرعية، أجازها بعض العلماء ومنعها بعضهم .

 ومن أجازها استدلَّ بالحديث المشهور، أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جاره يؤذيه ،فأمره رسول الله أن يطرح متاعه.والحديث مشهور ومعروف، وهو في أبي داود بإسناد صحيح.

ومن منعها استدل بالحديث المرفوع : ” لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود تستحلُّون محارم الله بأدنى الحِيل “رواه ابن بطة وحَّسنه ابن تيمية .

 وما يسمِّيه البعض حيلة يسمِّيه غيرهم: دفع مفسدة .

 فالخلاصة هنا : إن ترتب على العمل بالحِيل تحليل حرام أو تحريم حلال، فهي ممنوعة وباطلة ، لأنها تكون ذريعة إلى اسقاط الواجبات ووقوع الظلم والفساد، وإن كان غير ذلك كحِيلة يوسف عليه السلام مع اخوته ، لاستخراج الحقوق ورفع الباطل أو منعه ، فهي جائزة أو مباحة ، لكن تُقدَّر بقدرها بدون زيادة.

و-لا تعتمد على مرجع واحد في بحث مسألة :

فعلى سبيل المثال لو بحثتَ مسألة التصويب والتخطئة وهي مسألة أصولية مرقومة في المتون الأصولية ، فإنه يلزمك بحثها من الناحيتين العقدية والأصولية ، لأن بعض مسائل الأُصول لها تعلُّق بمسائل التوحيد والعقائد ، وهذا مهم ويجب العناية به وعدم نسيانه .

فهذه المسألة على سبيل المثال أشار اليها البخاري في صحيحه رقم : (7352) ومسلم: (1716) ،وهي مبسوطة عند كثير من الأصوليين مثل الكلوذاني في التمهيد 4/،320، واللكنوي في فواتح الرحموت2/381، وابن حزم في الإحكام 2/68، وما بعدها، والزركشي في البحر المحيط 8/282.

فبهذه المنهجية تستطيع جمع الأقوال وتحرير المسألة من غير إخلال في معانيها أوفوائدها.

ز-التعرف على مغزى مخالفة قول الجمهور ومن نقل ذلك وقرَّره :

فعلى سبيل المثال مسألة : هل يُقدَّم النص على المصلحة أم المصلحة على النص ؟ وهي مسألة كثر فيها الجدل بسبب تعصُّب الطوفي(ت: 716هـ) رحمه الله تعالى لها ، وقوله بتقديم المصلحة على النص ،والطوفيُّ عراقيُّ من أهل الرأي في الجملة ،ويميل إلى العقليات، وله تأليف في الدفاع عن أهل المنطق والكلام . وقد أشبع هذه المسألة بحثاً كثير من الباحثين ومنهم البرزنجي في كتابه التعارض والترجيح ، فلتراجع.

فجمهور العلماء يقولون بتقديم النص ،لأنه سيد الأدلة وله تعظيم في الشريعة وفي الصدور ، ولأن المصالح لا تقوم إلا على النص ، وهي إما مُعتبرة أو مُلغاة أو مُرسلة، والنص حاكم عليها في كل الأحوال.

واستدلال الطوفي على نظريته هذه كما في كتابه شرح الأربعين ،بالحديث المرفوع : ” لا ضرر ولا ضرار” أخرجه ابن ماجة وأحمد بإسناد صحيح : هو استدلال فيه نظر، لأن الحديث يُفيد الإحتجاج بالمصلحة ولا يُفيد تقديمها على النص ، وهذا ملحظٌ مهم لا يتنبَّه له كثير من الباحثين، بل إن بعض التنويرييِّن اليوم يؤخِّرون العمل بالشريعة لهذه الشبهة أو لذلك الإستدلال لحاجة في أنفسهم!، نعوذ بالله من سوء الحال.

والطوفي له أدلة أخرى وجيهة في جواز تقديم المصلحة على النص ، لكن تعميم هذه القاعدة أو هذه النظرية بإطلاق مردود عليه ، لأن المصالح إذا تزاحمت يقدم أعلاها ، ولا بد أن يكون النص هو المهيمن عليها .

ح-تحرير معنى المصطلح إذا كان له معاني أخرى :

فعلى سبيل المثال، السُّنة لها معنى عند الأُصوليين ومعنى عند المحدِّثين ومعنى عند الفقهاء.

 وكذلك النسخ له معنى عند المتقدِّمين ومعنى عند المتأخرين .

 فمعناه عند المتقدِّمين : البيان، مثل تبيِّين المجمل وتخصيص العام . أما عند المتأخِّرين فمعناه رفع الحكم بخطاب متراخ.

والباطل والفاسد من أهل العلم من يُفرِّق بينهما ومنهم من يقول بترادفهما.وهذا الأخير هو قول الجمهور ما عدا الحنفية .

والسبب في ضرورة تحرير معاني المصطلحات المتعدِّدة، حتى يأمن الباحث من الوقوع في المتشابهات، من المسائل والمعاني المتضادة ، ولو حدث هذا فإن استنباطه يكون مقلوباً.

ط-الوقوف على عِلل الأحكام :

يمكن ضبط هذه المسألة المهمة بتدبُّر مسالك العِلة عند الأصوليين وهي عشرة ، لكن أهمُّها : النص والإجماع والإيماء والتنبيه والإستدلال والمناسبة والشبه والسَّبر والتقسيم .

والبحث عن العِلة يكون باستخراج ما دلَّ على كون الوصف عِلة . بتخريج المناط وتنقيح المناط وتحقيق المناط.

والمقصود بها باختصار: استخراج العِلة بالمسالك السابقة والغاء الفوارق بين العِلل ومعرفة التشابه والإختلاف عند القياس في النظر إلى النص أو النازلة.

فيلزم تتبُّع النص الذي يدلُّ على العِلَّية ويكون صريحاً في بيان العِلة ، مثل الحديث المرفوع : ” إنها من الطوَّافين عليكم والطوافات” أخرجه الأربعة بإسناد صحيح .

وهناك ما لا يكون صريحاً في العِلية ، وهو اقتران الحكم بوصف وهذا يُستدل به لكنه أقل من مسلك النص في الدلالة، مثل الحديث المرفوع :” للراجل سهمٌ وللفرس سهمان ” أخرجه أبو داود بإسناد صحيح .

وهناك السَّبر والتقسيم وهو حصر الأوصاف ، ومثله الدروان الوجودي والعدمي، ويُطلق عليه الطرد والعكس، مثل الحديث المرفوع :  “لاتُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا ؟ قَالَ : أَنْ تَسْكُتَ  “متفق عليه. 

وهناك المناسبة والإخالة ، وهناك الوصف المناسب للعلية وهو ثلاثة : المؤثر والملائم والغريب والمرسل .

 ولا يسع المقام هنا للتفصيل في جميع مسائل العِلل والاستطراد في أمثلتها، لأنها تحتاج إلى بسط وتوضيح ومناقشة ، لكنني أنصح بمطالعة كتاب “تعليل الأحكام لمحمد شلبي” (ت: 1418هـ )رحمه الله تعالى ،فإنه مهم جداً وقد تفوَّق على غيره من الكتب القديمة والمعاصرة ، في تذليل مسائل العِلل على كثرتها وتفرعها.

وأعتقد أن كثرة النظر في باب مسالك العِلة يُعدُّ من الأدوات المهمة جداً في تقوية المَلكة الأُصولية ، لأن فيه اعمال للذِّهن وربط لجميع الدروس الأُصولية بهذه المسالك ، لأنها مرتبة عليها ترتيباً علمياً وأُصولياً.

ي-ضرورة العناية بمباحث المقاصد :

المقاصد هي غايات الشارع الحكيم من أحكامه ، فتجب معرفتها في كل باب من أبواب الشريعة.

ويمكن معرفة مقاصد الشرع من خلال نصوص الكتاب والسنة وعِلل الأوامر والنواهي ومن استقراء الأحكام كما تقدَّم في الإشارة إلى مسائل العِلل ومسالكها.

ولهذا من فَهم المقاصد وفهم العلل ، سهُل عليه الاستنباط من النصوص وأقوال العلماء.

وأساس اعتبار المقاصد : فهم تحسين الشرع وتقبيحه للفعل أو القول ، وبيان حكمة الله في تشريعاته وما علَّله رسوله صلى الله عليه وسلم .

والمقاصد التي يُراد البناءُ عليها في الحُكم يجب أن تكون ثابتة وظاهرة ومنضبطة ومطِّردة .
ومقاصد الشريعة ليست ما حصره بعضُ علماء الأصول ومنهم الشنقيطي(ت: 1393هـ)رحمه الله تعالى ،في المذكِّرة في ستة : حفظ الدِّين والنفس والعقل والعِرض والنسب والمال ، بل هي أكثر من ذلك كما نبَّه عليه الإمام تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى( 32/234).

فمقاصد الشريعة أوسع من ذلك في الإيمان وأنواع العبادات الظاهرة والباطنة ، واصلاح خفايا النفوس والصدور، وفي السياسة الشرعية ونحوها من أمور الإقتصاد والإدارة.

والمقاصد ثلاثة: خاصة وعامة وجزئية .
الخاصة ما يتعلَّق بأحكام العائلة أو العقود أو العقوبات أو التبرعات .
والمقاصد العامة هي ما يتعلَّق بحفظ نظام الأمة مثل الحَجر على الطبيب الجاهل وقتل الساحر المُضر ونحو ذلك .
أما الجزئية فهي ما يُقصد منه شي بعينه ،كالصلاة والقرآءة والدعاء ، كل بحسب نوعه وانفراده .
أما التعارض بين المقاصد فيمكن الافادة منه ،كما في قصة الخضر في خَرقه لسفينة المساكين حفاظاً عليها كلها: ” فأردتُ أن أعيبَها”( الكهف: 79) ، بل هو مهم للاستنباط من الأدلة وحجج المذاهب.
وكتب المقاصد كثيرة جداً، وأفضلها عندي كتاب الله تعالى ، ويمكن مراجعة تفسير ابن سِّعدي (ت: 1375هـ)رحمه الله تعالى ، فقد أجاد وأفاد في هذا الباب بل تفوَّق على غيره فيه .

 ويراجع أيضا كتاب الموافقات للشاطبي (ت: 790هـ)رحمه الله تعالى ، ففيه استنباطات بديعة ، وكذلك مقاصد الشريعة للطاهر عاشور(ت: 1393 هـ)رحمه الله تعالى ، ففيه فوائد نافعة جداً لفهم أحكام النصوص وأحوال الأدلة.

انتهى الدرس الرابع ، ويليه الدرس الخامس إن شاء الله تعالى.

هذا ما تيسر تحريره ،والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

1441/4/26