نستكمل في هذا الدرس مسائلَ تصحيح المذكِّرة ، وقد توقفنا في الدرس السابق عند مسألة تأصيل التعبُّد بخبر الآحاد . نسأل الله التوفيق والسداد.

41-أورد الشنقيطي رحمه الله تعالى عند مبحث قبول الجرح إذا لم يتبيَّن سببه ، بيتاً للحافظ العراقي (ت: 806هـ)رحمه الله تعالى في ألفيته وهو:
وربما رُدَّ كلامُ الجارحِ
كالنَّسئي في أحمد بن صالح .

ولم يُعلِّق الشيخ على نظم العراقي ، ولماذا رُدَّ جرح النسائي له ، إما نسياناً منه ، أو أن تعليقه سقط من المذكرة سهواً بفعل الطلبة أو النَّقلة.

ومعنى البيت أن كلام الإمام النسائي(ت: 303هـ ) رحمه الله تعالى مردود في أحمد بن صالح (ت: 248هـ )رحمه الله تعالى ، وهو من علماء الحديث.

وسبب تضعيف النسائي له هو ما أورده الإمام الذهبي(ت: 748هـ) رحمه الله تعالى: أن أحمد بن صالح كان لا يحدِّث أحداً حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة ، فكان يحِّدثه ويبذل له علمه ، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة (ت:161هـ)رحمه الله تعالى. فأتى النسائيَّ ليسمع منه ، فدخل بلا إذن ، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة ، فلما رآه في مجلسه أنكره ، وأمر بإخراجه ، فضعَّفه النسائيُّ لهذا .فيكون السبب هو الغَيرة العلمية بين الأقران، بدليل ثناء الإمام أحمد رحمه الله تعالى على أحمد بن صالح ، والله تعالى أعلم .راجع السِّير للذهبي ( ترجمة ابن صالح).

42-أورد الشنقيطي عند مبحث انكار الشيخ للحديث إن لم يذكرَهُ ، سببَ منع الحنفية من قبول الحكم بالشاهد واليمين نقلاً عن بعضِ أهل العلم ، وهو الزيادة على قول الله تعالى : ” فإن لم يكونا رجلينِ فرجلٌ وامرأتان ممن ترضَون من الشُّهداء”( البقرة: 282) ، والزيادة على النص نسخ عندهم ، والحديث آحاد والمتواتر لا يُنسخ عندهم بالآحاد . ولم يردّ الشيخ عليهم في هذا.

وقول الحنفية إن الزيادة على النص نسخٌ غير صحيح؛ لأن النسخ هو الرفع والإزالة، والزيادة في الشيء تقرير له لا رفع؛ أي: زيادة مستقلَّة بحكم مُستقلٌّ، إذا ثبَت سنده وجب القول به؛ كما هو الحال في الشاهد واليمين، وأيضًا فإن الناسخ والمنسوخ، لا بدَّ أن يتوارَدا على محلٍّ واحد، وهذا غير متحقِّق في الزيادة على النص، كما أن الزيادة لو كانت متصلة بالمزيد عليه لم ترفعه، ولم تكن نسخاً، وكذلك إذا انفصلت عنه؛ ولأن الآية الكريمة واردة في التحمل دون الأداء؛ ولهذا قال سبحانه: ” تَضِلَّ إِحْدَاهمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ” (البقرة: 282).

43-مسألة قبول الحكم بالشاهد واليمين لم يربطها الشنقيطي رحمه الله تعالى بالحكم الفقهي والأصولي ، ولهذا خفيت لأنه أوردها في ثنايا مسائل الرواية والسماع . وهي مسألة دقيقة متعلِّقة بالدعاوى ووسائل الاثبات في الفقه الإسلامي .واليوم في المحاكم تنقسم
الدعاوى إلى ثلاثة أقسام: قسم يتعلَّق بالحقوق الجزائية، وهي جرائم الحدود والقصاص، وقسم يتعلَّق بالحقوق المدنية؛ كالبيع والإجارة والرهن وغيرها من العقود، وقسم يتعلَّق بالحقوق الشخصية؛ كالزواج والنفقة. ووسائل الإثبات منها ما هو متَّفق عليه؛ كالشهادة، واليمين والإقرار، ومنها ما هو مختلف فيه، كالشاهد واليمين، والسؤال هنا هل تَثبت الحقوق المدنية والمالية منها بشهادة الشاهد الواحد، ويَمين المدَّعي أم لا تثبت؟.

وأسباب الخلاف في هذه المسألة ثلاثة :
أ- الأدلة الواردة في هذه المسألة أدلة ظنية، يتطرَّق إليها الاحتمال، والدليل الذي يتطرَّق إليه الاحتمال يسقط به الإستدلال .

ب- تعارض الأدلة الواردة في هذه المسألة مع أدلة إثبات الحقوق المدنية الواردة في القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: ” وَاستَشْهِدُوا شَهِيدَينِ مِنْ رِجَالِكُمْ… ” .(البقرة: 282).

جـ- الاختلاف في قاعدة الزيادة على النص، وهي قاعدة أصوليَّة مُختلَف فيها بين الحنفية وجماهير العلماء؛ حيث يرى الحنفية أن الزيادة على النص نسخ؛ ولذا فإن القول بالقضاء بشاهد ويمين، زيادة على قوله تعالى: ” واستشهدوا شَهِيدَيْنِ مِن رِجَالِكمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجلَينِ فَرَجلٌ وَامْرأَتَانِ مِمَّنْ تَرضَوْن مِنَ الشهَدَاءِ ” (البقرة: 282)، والزيادة نسخ، ونسخ القرآن بأخبار الآحاد لا يَجوز، ويرى جماهير العلماء أن الزيادة على النصِّ تقريرٌ وضمٌ وإضافة؛ ولهذا تثبت الزيادة الواردة في خبر الآحاد؛ لأنها زيادة مستقلة بحكم مستقل، إذا ثبَت سنده وجب القول به .
ويراجع في هذا تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص/ 51 وما بعدها ، وأصول السرخسي (2/82).

44-أشار الشنقيطي عند مبحث الحديث بالمعنى إلى مسألة التعليل بالظهور ، ولم يوضِّحها ، والظهور متعلِّق بالعلة أو القياس أو الترجيح . والمقصود أن يكون الوصف مشتملاً على عِلة تتعدَّى الحكم الى الفرع ،وأن تكون العلةٌ وصفاً مناسباً لتحقيق حِكمة الحُكم . ويضاف إليها أن تكون العلة مناسبة ومؤثِّرة للمعنى.

ويجب على الطالب عند النظر في المعاني أن يفرِّق بين الأوصاف المعتبرة والملغاة ليتضح له مقصود الشارع كما يجب عليه أن يتجنَّب المعنى الملغى الذي لم يقصده الشارع لا من قريب ولا من بعيد . وقد حرَّر هذه المسألة ابن مفلح في أصوله (2/1288) ، والآمدي في أحكامه (3/410) فليراجع .

45- أشار الشنقيطي عند مبحث الحديث بالمعنى إلى قاعدة التأكيد والتأسيس ، ولم يمثِّل لها ولم يوضِّحها ، وقد أوردها تعقيباً على حديث : ” آمنت بنبيِّك الذي أرسلت ” متفق عليه .
وقد وهم الشيخ حين قال إنها قاعدة أصولية ، والصحيح أنها قاعدة مشتركة بين الفقه والأصول ، وقد أوردها ابن تيمية في فتاويه (28/323) وابن رجب في قواعده (3/189) . ومعناها أن الكلام إذا دار بين افادة معنىً جديد ومعنى سابق ، فحمله على المعنى الجديد أولى وأوجب.

ومثالها : إذا حلف شخص على أمر أن لا يفعله ثم حلف في مجلس أو مجلسين منفصلين أن لا يفعله أبداً ، ثم فعله ولم ينو التأكيد فعليه كفارة يمينيين ، والأمثلة على هذا كثيرة جداً، يمكن مراجعتها في شرح مجلة الأحكام لمنير القاضي (1/53).

46-أورد الشنقيطي عند مبحث قبول خبر الواحد إذا خالف القياس ، أن الإمام مالك (ت: 179هـ)رحمه الله تعالى يقول مطلقاً بتقديم خبر الآحاد على القياس، وقد نصر هذا القول في صفحتين كاملتين ، وهذا الأصل صحيح لكنه متعقَّب بقيد لم يورده الشنقيطي، فيعقَّب عليه أن مالك رحمه الله ثبت عنه تقديم القياس على خبر الآحاد بشرطين :
الأول : أن يكون القياس معتمداً على أصل قطعي ، كما أشار إليه الشاطبي في الموافقات.

الثاني : أن يكون الخبر غير معضود بأصل ثابت صحيح ، والمثال على هذا ولوغ الكلب من الإناء وقضاء من أفطر ناسياً من رمضان . فليستدرك هذا فإنه مهم جداً ، وقليل من طلبة العلم من يعرف هذين القيدين .

وفي الموافقات أمثلة كثيرة جداً على هذا التصور الأصولي في باب المقاصد والأعمال والنيات والأحكام ، وانظر شرح التنقيح للقرافي (ص/ 145 ) وما بعدها ، ونشر البنود في أول باب القياس، عند البيت الثالث والثلاثين وست مئة.

47-أورد الشنقيطي عند مبحث اختلاف الصحابة رضي الله عنهم إلى قولين ثم اتفاقهم ، ثم رجوع بعضهم إلى قول الآخرين ، أن ذلك اجماعٌ منهم ، وأنه خالف في ذلك أبو بكر الصيرفي (ت: 330هـ)رحمه الله تعالى . ولم يذكر الشنقيطي سبب مخالفة الصيرفي رحمه الله تعالى وحجته في ذلك .وسبب مخالفة الصيرفي أن المسألة اجتهادية وليست من مسائل الإجماع ، فيجوز المذاكرة فيها كل بحسب علمه واستنباطه ، وهي مبنية على أصل ، وهو انقراض العصر.

وحجة الصيرفي على قوله هو الاستقراء ، لأن اختلافهم أولاً على قولين يدل أن كل واحد من القولين على حق ، واجماعهم بعد ذلك على الحق في أحد القولين دون الآخر فيه مخالفة الإجماع الأول .والمسألة مبسوطة في كتاب رفع النِّقاب عن تنقيح الشهاب للرجراجي(3/254).

48-رجَّح الشنقيطي عند مبحث اختلاف الصحابة ، أن غير الصحابة اذا اختلفوا ثم اتفقوا كان اجماعاً ، وإذا اتفق من بعدهم على أحد قوليهم أنه مختلف فيه ، والراجح عنده أنه اجماع.
والصواب عند المحقِّقين من أهل الأُصول أنه ليس باجماع ، لأن الأمة ما اتفقت علىه .ولأن الأقوال لا تموتُ بموت أصحابها .وقد حرَّر المسألة الماوردي رحمه الله تعالى في كتابه الحاوي ( 16/111- وما بعدها ) فليراجع .

49-أورد الشنقيطي عند مبحث الاجماع السكوتي ، التعليق على مسألة الأخذ بأقل ما قيل في حدود سطرين ، ولم يوضِّحها ولم يمثِّل لها، فلعله سهى عن ذلك .
فيستدرك عليه: أنها الاختلاف في مقدّرٍ بالاجتهاد على أقاويل، فيؤخذ بالأقل عند إعواز الدليل ، وهي عند بعض الأصوليين مبنية على الإجماع وعلى البرآءة الأصلية، وهذا محل نظر.

وهذه القاعدة لم يحتج بها الجمهور على الاطلاق، وهذا ظاهر في تقريرات ابن تيمية وابن حزم وكثير من الأصوليين . وممن نافح للاحتجاج بها تاج الدين السُّبكي والقِرافي وبعض الحنفية. وقد غلِط بعضُ المعاصرين حين ظنوا أنها من قواعد الإمام الشافعي في كتابه الأم ، والصحيح أنها مستنبطة من كلامه من بعض الشافعية المتأخرين . راجع قواطع الأدلة للسمعاني. (3/394).

50-أورد الشنقيطي عند مبحث الاستصحاب ، أنها ثلاثة أقسام ، واحد منها مردود وهو اختيار أبو اسحاق ابن شاقلا (ت: 369هـ)، وقد مثَّل له بالمتيمِّم إذا رأى الماء أثناء الصلاة، وقال الشنقيطي إن هذا الاستصحاب غير صحيح. قلت : اختيار ابن شاقلا قال به المزني تلميذ الشافعي والصيرفي وينسب للشافعي نفسه ، وقد توقف فيه ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى . ولم يبيِّن الشنقيطي سبُب ردِّ هذا القسم من أقسام الاستصحاب، وسببه أنه يؤدِّي إلى تكافؤ الأدلة عند كل مجتهد .
راجع: المسوَّدة(ص/342) واعلام الموقعين لابن القيم (1/257) والعُدَّة ( 2/275 )لأبي يعلى.

51-أورد الشنقيطي عند مبحث الأصول المختلف فيها ، عند مسألة شرع من قبلنا ، الردَّ على حجة الشافعي رحمه الله تعالى في قوله إن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا إن لم ينسخه ناسخ ،وقد رجَّح الشنقيطي قول الجمهور أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا إن لم ينسخه ناسخ . لكن هنا ملاحظة في ردِّ الشنقيطي على الشافعي ، وهي أن للإمام الشافعي رواية أخرى أن شرع من قبلنا شرع لنا ، وقد أوردها كثير من الشافعية في مصنفاتهم ، كما أن للإمام أحمد رحمه الله تعالى روايتين في المسألة ، فيجب التفطُّن لها عند المناقشة.

ويا ليت الشيخ أشار إلى أن القولين يتجاذبان من الموافق والمخالف ، فكل منهما يستدل بدليل الآخر ، مما يدل على أن القولين ليس بينهما خلاف كبير ،ولأن الشيرازي في التبصرة والاسنوي في التمهيد ، أشارا إلى هذا مع أنهما من أتباع قول : إنه ليس شرعاً لنا.
وهذا القول أيضا نصره الأشاعرة والمعتزلة . ثم إن المسألة مبنية عند بعض أهل العلم القدامى على التحسين والتقبيح ، وهو مذهب باطل عند أهل الحديث ، فليستدرك هذا على كلام صاحب المذكِّرة ، لأنه لم ينبِّه عليه.

والشنقيطي رحمه الله تعالى لم يبيِّن نوع الخلاف ولا ثمرته . فنوع الخلاف معنوي وليس لفظياً ، وثمرته هي فروعه الفقهية ومنها:
استدلال الفقهاءُ على جوازِ قسمة منافع المال المشترك بطريق السوية، بقولِه تعالى في قصةِ صالحٍ عليه الصلاة والسلام ” وَنَبِّئْهُم أَنَّ الماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُم كُلُّ شِرْب ٍمُحْتَضَرٌ “( القمر:28 )، وهي جائزةٌ في المذاهب الأربعة.

واستدلَّ الحنفيةُ على جوازِ قتلِ المسلم بالذِّمي، والرجلِ بالمرأةِ بقول الله تعالى: “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ “( المائدة:45)،أي: في التوراة، واحتجَّ بالآيةِ أيضًا المالكيةُ والحنابلة على قتلِ الذَّكرِ بالأنثى.

واستدلَّ المالكيةُ والشافعية والحنابلة على جوازِ “الجعالةِ” بقولِ الله تعالى في قصةِ يوسف عليه الصلاة والسلام -: ” وَلمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ” ( يوسف:72 ).
واحتجَّ غيرُ الشافعيةِ لجوازِ “الكفالةِ” بالنَّفسِ بقولِ الله تعالى: ” قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ ” (يوسف: 66)، والشافعيةُ استأنسوا بهذه الآية، واحتجوا بعمومِ حديث: “الزعيم غارم”، وبالقياسِ على كفالة الدَّين.

واحتجَّ الحنابلةُ على جوازِ المنفعةِ مهرا ًبآيةِ: ” قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ” (القصص: 27) ، واستأنس الشَّافعيةُ بتلك الآية، واستدلُّوا على الجوازِ بالقياسِ على الإجارة.
واستدلَّ مالكٌ على أفضليةِ الكِباش في الضَّحايا، ثم البقرِ ثم الإبل بما فعلَه إبراهيمُ عليه السلام من فدائه ولدَه بكبشٍ.

واستدلَّ مالك وأبو حنيفة ومحمد خلافًا للشَّافعي وأحمد وأبي يوسف وزُفَر بقصةِ إبراهيم على لزومِ نذر ذبح الولد، ووجوبِ الهدي وهو جزورٌ عند مالك، وشاةٌ عند أبي حنيفة.
والعجيب أن النووي رحمه الله تعالى صحَّح القول بأن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا واعتمده في كتابه الروضة .
راجع : شروح المنار للنسفي ، وشرح المحلي على جمع الجوامع (4/192) والبحر الرائق لابن نجيم (7/142) .

52- أورد الشنقيطي في أول مبحث الاستصلاح عند القسم الأول منه ، وهو ما شهد الشرعُ باعتبار مصلحته الذي سمَّاه ابن قدامة قياساً ، أنه لا يخلو من نظر ، لخلوِّ هذا القسم من الأصل والفرع والعِلة على الاصطلاح المعروف.
والصحيح أن تقسيم ابن قدامة صحيح ، فالمصالح المعتبرة تسمَّى قياساً لأنه يجوز التعليل بها وتعدية أحكامها .

راجع التحصيل من المحصول للأرموي (2/231) فقد سمَّاها قياساً ، وشرح تنقيح الفصول للقرافي (ص/391) ، ففيه تنكيت مفيد لهذه الجزئية.

53-أورد الشنقيطي عند مبحث مبدأ اللغات وتقسيم أهل العِلم لها إلى قسمين : توقيفي واصطلاحي ، أن هذا التقسيم باطل ، ولم يبيِّن سبب بطلانه.
وسبب بطلانه أن الأول قال به الأشاعرة والثاني قال به المعتزلة ، ولا دليل من الشرع يعضدُ ذلك.
وردُّ العلم فيها إلى الله أسلمُ من الخوضِ فيها.

54-يستنبط من المسائل السابقة أن علم الجرح والتعديل باقي في كتب العلم ولم ينسخ أو يرفع ، ويستفاد منه في حلقات العلم وفي جرح الشهود وتعديلهم في الدعاوى بحسب أصول الفِقه والفتوى من غير افراط ولا تفريط .

55-المسائل الأصولية النظرية التي لا دليل عليها ، يُستفاد منها في تقوية الملَكة الأُصولية وشحذ الهمة وتقوية القريحة ، وقبل هذا وبعده تعلُّم وتعليم الخشية لله تعالى .
هذا ما تيسر تحريره ،والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات .

1440/4/10