في الدرس الخامس تناولتُ بشي من التفصيل أهمية وضرورة فهم المسائل الأصولية في الزاد ، وأن الطالبَ لن ينتفع بالزاد إلا باستحضار المسائل الأصولية وربطها بالقواعد والأحكام المعتبرة الصحيحة .
وقد ضربتُ خمسة أمثلة أصولية لتطبيقها تطبيقا عملياً على مسائل الزاد ، وقد أردفتُ ذلك كُّله بأهم المسائل الأصولية التي يجب الاطِّلاعُ عليها وفهمها ،ولو على سبيل الإجمال ،كي يتهيأ القلبُ لاستيعاب الأحكام بالطُّرق الصحيحة.

(ز) : الفقه المقارن في الزاد :
المقصود بالفقه المقارن في الزاد المسائل التي انفرد بها الإمام أحمد (ت: 241هـ)رحمه الله تعالى عن غيره من الأئمة الثلاثة ، أو ما انفرد به االإمام الشافعيُّ ( ت: 204هـ) عن الأئمة الثلاثة رحمهم الله جميعاً ، وقِس على هذا بقية المذاهب المعتبرة .
وفائدة الفقه المقارن هو معرفة طرق المذهب في الاستنباط والتعليل والتقعيد .

وقد قال الإمام النووي (ت: 676هـ )رحمه الله تعالى في مقدمة كتاب المجموع: ” وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَذَاهِبِ السَّلَفِ بِأَدِلَّتِهَا مِنْ أَهَمِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْفُرُوعِ رَحْمَةٌ وَبِذِكْرِ مَذَاهِبِهِمْ بِأَدِلَّتِهَا يَعْرِفُ الْمُتَمَكِّنُ الْمَذَاهِبَ عَلَى وَجْهِهَا وَالرَّاجِحَ مِنْ الْمَرْجُوحِ وَيَتَّضِحُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ الْمُشْكِلَاتُ: وَتَظْهَرُ الْفَوَائِدُ النَّفِيسَاتُ: وَيَتَدَرَّبُ النَّاظِرُ فِيهَا بِالسُّؤَالِ والجواب: ويفتح ذِهْنُهُ وَيَتَمَيَّزُ عِنْدَ ذَوِي الْبَصَائِرِ وَالْأَلْبَابِ: وَيَعْرِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ مِنْ الضَّعِيفَةِ وَالدَّلَائِلَ الرَّاجِحَةَ مِنْ الْمَرْجُوحَةِ وَيَقُومُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَاتِ وَالْمَعْمُولِ بظاهرها من المؤولات وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ إلَّا أَفْرَادٌ مِنْ النَّادِرِ”. (المجموع شرح المهذب 1/ 5) .

وهذه الطُّرق يمكن مراجعة أصول المذاهب فيها ، للوقوف عليها عند كل إمام ، وهي مفيدة لمن أراد الغوص في الفقه المقارن .
• وهذه مجموعة من الأمثلة المختصرة للفقه المقارن من الزاد ، تعُينُ على شحذ الهِمَّة للمطالع ، ومن أراد التوسُّع فليراجع المطولات .

(1) : حكم استئجار الأرض بجزء مما تُخرجه :
الفقهاء في هذا على قولين :
أ‌- يجوز استئجار الأرض ببعض ما تُخرجه كالثلث والربع ، وقد نصَّ أحمد على ذلك ، وهو قول أكثر الأصحاب ، واختار أبو الخطاب أنها لا تصح ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي ، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى .
الدليل أنها كالمزارعة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع ” متفق عليه . ولأن الأصل في المعاملات الحِل ، والحاجة داعية إليها .
ب-لا يجوز استئجار الأرض ببعض ما تُخرجه ، وهو قول جمهور الفقهاء . وتعليلهم خشية الغرر والغش والتدليس .

(2) : شروط الرضاع المحرِّم :
اختلف الجمهور في شروط الرضاع المحرم للزواج .
وهذا سرد لها مع اختلاف بعضهم عن بعض حسب قواعدهم:
الأول : أن يكون لبنُ آدمية : فلا عبرة للبن الصناعي أو شاة ، واشترط الشافعية خلافاً للجمهور أن تكون المرأة حيَّةً حال انفصال اللبن منها ، وبلغت تسع سنوات قمرية .
الثاني :وهو شرط عند الحنفية دون غيرهم ، وهو أن يتحقَّق من وصول اللبن إلى معدة الرضيع ، سواء بالامتصاص أو بالإناء .
الثالث : أن يحصل الإرضاع بطريق الفم أو الأنف . وهذا شرط عند الجمهور .
الرابع : أن لا يُخلط اللبن بغيره ، وهو شرط عند الحنفية والمالكية فقط .
الخامس : أن يكون الرضاع في حال الصِّغر اتفاقا : فلا يحرم رضاع الكبير وهو من تجاوز الستين.
السادس : أن يكون الرضاع خمس رضعات متفرقات ، عملاً بالعرف وهو رأي الشافعية والحنابلة فقط . أما عند الحنفية والمالكية فيكون بالقليل والكثير ، استدلالاً بقول الله تعالى : ” وأُمهاتكم اللائِي أرضعنكم ” ( النساء : 23) .
فيلاحظ من المثال المتقدِّم اختلاف الشروط لاختلاف الدليل ودرجته ومرتبته ، على حسب كُّل مذهب .

(3) : مدة الحمل :
أقل الحمل ستة أشهر . وأكثر مدة الحمل في رأي المالكية : خمس سنوات ، وفي رأي الشافعية والحنابلة : أربع سنوات ، وفي رأي الحنفية: سنتان ، وفي رأي الظاهرية : تسعة أشهر .
وسبب الاختلاف هو الاستقراء لطبيعة النساء وأحوالهن ، حسب البلدان والأعراق وعِلل الأبدان ونحو ذلك .

(4) : السفر يوم الجمعة قبل الزوال :
اتفق الجمهور على كراهة السفر يوم الجمعة بعد الزوال ما عدا أبي حنيفة . وسبب خلاف بعضهم عدم ثبوت الحديث الوارد في المسألة : ” من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملائكة..” أخرجه ابن النجار وفي إسناده مقال . وقالوا من تعيَّن عليه وجوب الفرض لا يجوز له تركه أو ابطاله لغير ضرورة .

(5) : القَسم بين الزوجات :
يجب العدل بين الزوجات ، لكن الشافعية لم يُوجبوا القَسم على الرجل ،لأن القسم لحقِّه فجاز له تركه ، لكن قالوا باستحبابه .
والحنفية والمالكية لم يوجبوا على الرجل القسم في السفر.
والحنفية قالوا إن قسم الزوجة الجديدة كالقديمة سواء بسواء ، فلا تختص واحدة منهما بشي عن الأخرى .ُّ
وسبب الخلاف حول الوجوب أو الاستحباب في القَسم هو خلافهم حول فهم النُّصوص الواردة في المسألة .

فمثلاً الحنفية لا يقبلون خبر الآحاد مُطلقاً عند الاستدلال بنصِّ نبوي ، لوجود شبهة اتصال ، ويقولون إن الأمة لم تتلقَّاه بالقبول ، وقد ناقش الإمام الشافعي (ت: 204هـ)رحمه الله تعالى وردَّ على الحنفية في هذا وأنكر عليهم غُلوهم في ردِّ خبر الآحاد .
وكان من شروط الإمام أبي حنيفة (ت: 150هـ )رحمه الله تعالى لقبول خبر الآحاد ، أن لا يَعمل الراوي بخلاف ما يرويه ، فإن عملَ بخلاف ما يرويه فإنَّ خبره غيرُ مقبول ولا يُحتجُّ به.

ومن الشُّروط عندهم أن لا يكون موضوع الحديث مما تعم به البلوى، كحديث : ” إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يده حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا كبَّر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع ” أخرجه مسلم .

ومن شروطهم أيضاً أن لا يكون الحديثُ مخالفاً للقياس والأصول العامة إذا كان راويه غير فقيه ، كحديث المصراة الشهير : ” لا تصروا الإبل والغنم ” متفق عليه .

ووجه المخالفة أن الحديث خالف قاعدة : الخَراج بالضمان ، وقاعدة المثلي يضمن بمثله والقيمي بقيمته . وكذلك المذاهبُ الأخرى لها أصول وقواعد تتمسك بها يجب مراعاتها عند الفهم للمسائل والترجيح بينها .

والمقصود مما تقدَّم أن يقارن طالب الزاد بين أجوبة المسائل للأحكام ، ليعرف مصدر الاستنباط والفتوى سواء بالرجوع إلى أدلة المذهب أو لتعليل العلماء للحكم أو بالوقوف على قواعدهم .
ولو أخذ طالب الزاد متناً في مذهب آخر لمعرفة كيفية استدلال مؤلِّفه أو شارحه ، وقارنه بغيره لحصَّل خيراً كثيرا .ِّ

* وهذه أمثله مختصرة كنتُ قد دوَّنتها على نسختي من متن أبي شجاع ( الغاية والتقريب ) ، ويمكن للطالب أن ينتفعَ بها عند مطالعته للزاد ، ليعرف زُبدة المسائل عند المذاهب الأربعة ومناط الأحكام فيها .

1-مسألة الإستياك بالأصبع: لم يُوردها أبو شجاع في المتن ، وهي من مسائل الشافعية .فمذهب الشافعي لا يصح الإستياك بإصبع نفسه المتصلة حتى ولو كانت خشنة، وهذا القول هو قول الإمام أحمد في رواية عنه . والأحناف والمالكية يرون الجواز عند عدم وجود غيرها. وقد صحَّح الإمام النووي جواز الإستياك بالإصبع الخشنة. وهو قول لبعض الشافعية أيضاً .وحُجة الإمام النووي في الجواز ما روي عن عليِّ رضي الله عنه أنه كان يستاك بأُصبعه . وإسناده صحيح. والخلاف في المسألة ضعيف عندي ولا قيمة له، والله أعلم

2-مسألة أكل لحم الجزور : لم يُوردها أبو شجاع في المتن . ومذهب الإمام الشافعي في الجديد لا ينتقض الوضوء بلحم الجزور . وقد صحَّح الإمام النووي أن لحم الجزور ناقض للوضوء . وعند الحنفية والمالكية وجمهور الشافعية والأرجح عند الحنابلة أن لحم الجزور لا ينقض الوضوء . والدليل حديث جابر :”كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار ” أخرجه أبو داود بإسناد صحيح .وسبب الخلاف في المسألة ترددهم في الحكم على بعض أحاديث الوضوء بالنسخ أم لا ؟ . والله أعلم.

3-مسألة التنشيف بعد الوضوء : لم يُوردها في المتن . وعند الشافعية يُسنُّ ترك التنشيف ولا يُكره فعله . وذهب الأحناف إلى أن التنشيف أدب لكن لا يُبالغ فيه . وقال المالكية والحنابلة بإباحته بلا كراهة . واختار النووي أنه مباح ،لتكافؤ الأدلة المبيحة والمقرِّرة في المسألة .

وسبب الخِلاف في المسألة تنازعهم في حديث ميمونة هل هو مطلق أم مقيد ؟ . والله أعلم .
4-مسألة مدة المسح على الخفين: جمهور الفقهاء من الأحناف والشافعية والحنابلة وقَّتوا مدة المسح على الخفين بيوم وليلة في الحَضر وثلاثة أيام للمسافر. والشافعية والحنابلة يرون أن المسافر سفر معصية يمسح يوماً وليلة فقط ، لأن ما زاد رخصة للمسافر والرخص لا تُناط بالمعاصي .

وقد خالفهم المالكية في ذلك فرأوا جواز الترخُّص . والشافعية قرَّروا في مذهبهم أن مدة المسح يوماً وليلة للمقيم وثلاثاً للمسافر ، تبدأ من الحدث بعد لبُس . وقد اختار النووي أن المدة تبدأ من المسح وليس من الحدث.

5-مسألة نزع الخُفين حال الطهارة في المسح : لم يوردها في المتن .ومذهب الشافعي في الجديد وهو الراجح عند الشافعية ، أن من نزع خفيه وهو بطهر المسح لم ينتقض وضوؤه وإنما يلزمه غسل رجليه . وقد إختار النووي أنه لا يلزمه لا الوضوء ولا غسل قدميه . واختار الإمام أحمد أنه يغسل قدميه فقط ، وهو مذهب الأحناف والشافعية . ورجَّح الإمام أحمد وجوب إستئناف الوضوء .وسبب الإختلاف في المسألة هو حُكم الموالاة في الوضوء عند الفريقين.

6-مسألة إستقبال الشمس والقمر عند قضاء الحاجة: أشار إلى المسألة في الحكم ولم يُوضِّحها . وللشافعي في المسألة قولان : الكراهة للإستقبال فقط ، والثاني الكراهة للإستقبال والإستدبار . واختار النووي عدم الكراهة مطلقاً . والمالكية قالوا إنه خِلاف الأولى ، والشافعية والأحناف قالوا بالكراهة مطلقاً . وكَره ذلك الإمام أحمد ، لأن النَّيرين فيهما نور الله تعالى.

7-مسألة ماء الميازيب : لم يشر إليها في المتن. وقالت الشافعية إنه يُحتمل نجاسة مياه الميازيب ، فالواجب عندهم الإحتراز . واختار الإمام النووي أنه طاهر ، لأن بعضه يُطهِّر بعضاً عند نزوله . وسبب الإختلاف هل مياه الميازيب على أصل الماء النازل أم لا ؟ والله أعلم .

8-مسألة البول في الماء القليل :لم يشر إليها في المتن . ومذهب الإمام الشافعي لا يُحرِّم البول في الماء القليل لإمكان تطهيره بالمكاثرة ، وعندهم أن الأولى أن لا يَحرم في الماء الكثير . وقد اختار النووي حُرمة البول في الماء القليل مطلقاً . والحنابلة قالوا بالتحريم للقليل والكثير كما في كشاف القناع . وسبب اختلافهم هو هل النهي الوارد في الحديث للتحريم أم للتنزيه ؟ .

9-مسألة غسل الإناء من سؤر الخنزير : المعتمد عند الشافعي أن الخنزير كالكلب يُغسل الإناء من ولوغه سبع مرات إحداهن بالتراب . واختار النووي أنه يُغسل مرة واحدة . والأحناف قالوا يجوز غسل إناء الخنزير ثلاثا ً وجوباً ، أو خمساً أو سبعاً ندباً.

10-مسألة الإستمتاع بالحائض : مذهب الشافعي يحرم مباشرة الحائض فيما بين سُرتها وركبتها . والمذاهب الثلاثة ما عدا الأحناف ، حرَّموا إستمتاع الزوج بزوجته الحائض . واختار النووي الإباحة . وسبب إختلافهم المعنى المراد في الحديث المرفوع : ” ما فوق الإزار ” لما سأله معاذ ما يحلُّ للرجل من امرأته وهي حائض . والحديث أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف .

11-مسألة هل يكفي في التيمم مسح الكفين فقط ؟ : مذهب الشافعية يجب عند التيمم إيصال التراب إلى المِرفقين ولا يكفي الإقتصار على مسح الكفين . وعند الأحناف والشافعية أن التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للمرفقين . والمالكية والحنابلة قالوا يمسح اليدين إلى الكوعين وهو اختيار النووي .
وسبب خلافهم هو هل فعل النبي صلى الله عليه وسلم بتيمُّمه في وجهه ويديه ، كان للتعليم أم لقصد الفعل ؟ لأنه ورد في الصحيحين الإقتصار على الكفين فقط بلا زيادة . ومن الأسباب أيضاً أن آية التيمم مجملة وليست مبينة .وفي المسألة خلاف قوي يُنظر توضيحه في أضواء البيان للشنقيطي .

12-مسألة قضاء الصلاة التي وقع فيها الخلل : لم يُشر إليها في المتن .ومذهب الشافعية أنها لا تُقضى ، لكن هناك أحوال تُقضى فيها عندهم ، كمن تيمَّم في الحَضَر لعدم الماء فعليه الإعادة. وفي المسألة تفصيل يُنظر في شرح البهجة.
والحنابلة قالوا في فاقد الطهورين يُصلِّي الفرض فقط على حسب حاله ولا يقضي ، كما حكاه الحجاوي في الإقناع .

13-مسألة دخول وقت أذان الفجر : مذهب الشافعي أن أذان الفجر يدخل من نصف الليل.واختار النووي أن أذان الفجر يدخل من السَّحَر وليس من نصف الليل . وقد منع الأحناف أذان الفجر قبل وقته وقالوا بالإعادة لمن أذَّن قبل وقته الشرعي . والأحناف قالوا بالجواز من بعد نصف الليل .

14-مسألة تأخير وقت العشاء : مذهب الشافعي ومالك أن صلاة العشاء في أول وقتها أفضل ، لكن النووي إختار أن تأخيرها إلى ثُلث الليل أو نصفه أفضل . وإلى هذا ذهب الأحناف والحنابلة . وسبب الخلاف في المسألة هل الأفضل التعجيل أم التأخير ؟ لأن ظاهر الأحاديث توهم التعارض . والله أعلم .

15-مسألة من صلَّى وفي ثوبه نجاسة ناسياً لها : للشافعي في هذه المسألة قولان . ففي المذهب الجديد قال بوجوب القضاء . واختار النووي عدم وجوب القضاء. وسبب الإختلاف تنازعهم في تأويل نزع الرسول صلى الله عليه وسلم لنعاله وهو يصلي . والله أعلم .

16-مسألة العمل الكثير في الصلاة سهواً :لم يُشر إليها في المتن .وقد إختار النووي عدم البطلان ، بينما قال الشافعي ببطلانها في العمد والنِّسيان . وسبب الإختلاف تأولهم لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته .

17-مسألة إستحضار نية الصلاة : الجمهور قالوا إنه لا يجب مقارنة النية للتكبير وإنما يجوز أن تتقدم النية على تكبيرة الإحرام بيسير عُرفاً . واختار النووي أن نية إستحضار الصلاة تكفي بأن لا يغفل عنها وقت أدائها.

18-مسألة تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين: لم يُشر إليها في المتن .والاعتدال والجلوس ركنان قصيران يبطل الصلاة تطويلهما.وهذا رأي للأحناف أيضاً. واختار النووي جواز تطويل الاعتدال عن الركوع لحديث : ” ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ” أخرجه مسلم . ورأيه موافق لرأي المالكية والحنابلة . وسبب الإختلاف تنازعهم في الحكم على حديث عطاء ابن السائب في المسألة .

19-مسألة وضع الأنف حال السُّجود : لم يُشر إليها في المتن . ومذهب الشافعي لا يجب وضع الأنف بمحلِّ السجود . يعني أنه سُنَّة كما هو اختيار النووي . وذهب إلى عدم الوجوب الأحناف أيضا والمالكية . بينما قال الحنابلة بالوجوب . والخلاف في هذه المسألة مشهور عند الأصوليين بمسألة تعرُّض النص مع الإشارة .

20-مسألة المراد بآل النبي: لم يُشر إليها في المتن . وقد ذهب الإمام الشافعي إلى أن آل النبي صلى الله عليه وسلم المأمور بالصلاة والسلام عليهم هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب . بينما ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد إلى أنهم جميع أمة الإجابة . وهذا هو إختيار النووي رحمه الله تعالى، كما في شرحه على مسلم . وسبب النِّزاع بينهم هو هل المقصود بالآل من تحرم عليهم الزكاة أم من سواهم ؟ ، لأنهم اختلفوا في الآل لغة مع القِياس على من حرمت عليه الزكاة شرعاً .

21-مسألة تغميض العينين في الصلاة : مذهب الشافعي أنه يُكره تغميض المصلِّي عينيه حال الصلاة . وهذا رأي مالك وأبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية . وقد إختار النووي عدم الكراهة . وسبب الإختلاف تنازعهم في الحكم على حديث المسألة .

22–مسألة القنوت في الوتر : مذهب الشافعي أن القنوت في الوتر يُستحب في النِّصف الأخير من رمضان فحسب . ويُكره أن يقنت في غير هذا النِّصف ، وإن تعمَّد الإطالة في غير النِّصف بطلت صلاته . وقالت المالكية إن القنوت في الوتر مكروه . وقال أبو حنيفة القنوت في الوتر في السَّنة كلها واجب . وعند أحمد إنه سُّنة .واختار النووي إستحبابه . وسبب الإختلاف في المسألة تعارض الأحاديث بين مطلقة ومقيدة .وفي ثبُوتها من عدمه .

23–صلاة التسبيح : ذهب الشافعي إلى أن صلاة التسبيح يُسنُّ فعلها ، لأن حديثها حسن لكثرة طرقه . ورأى الجمهور أنها أيضاً سُنة . وسبب النِّزاع في فعلها من عدمه ، ضعف الحديث في فضلها عند العلماء، وهل يُعمل بالحديث الضعيف أم لا ؟ واختار النووي عدم إستحبابها ، كما يُفهم من كلامه . وعندي أن النووي متوقِّف في المسألة ولم يترجِّح له فيها شي ، فليُحرَّر.

24-مسألة تطويل الجلوس بين السجدتين في صلاتي الكسوف والخسوف : لم يُشر إليها في المتن .ومذهب الشافعي أنه لا يُسنُّ تطويل الجلوس بين السجدتين في صلاة الكسوف والخسوف . ورأى الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة أنه لا يُسنُّ تطويل الجلوس بين السجدتين . واختار النووي عدم الإطالة . وسبب الخِلاف عندهم اختلافهم في إسناد حديث عبد الله بن عمرو الذي يفيد الإطالة .

25-مسألة الإضطجاع بين سنة الصبح وفرضها :لم يشر إليها في المتن . ولا يلزم عند الشافعي الإضطجاع بل يقوم غيره مقامه ،كتحوله من مكانه أو تحدثه مع غيره . وقد أوجب ابن حزم الإضطجاع بين السنة والفرض في الفجر . بينما قال الإمام مالك إنه بدعة . وقال أبو حنيفة إنه سُنة . وعند الحنابلة أن الكلام بعد سنة الفجر مكروه كما حكاه صاحب الإنصاف . واختار النووي أن الإضطجاع ليس بلازم فيكفي التحول من المكان والتحدُّث ونحوه . وسبب الخلاف هل الإضطجاع مقصود بعينه أو لا ؟ وهل وصل صلاة بصلاة من غير كلام جائز أم لا ؟.

26-مسألة نية الصلاة المعادة : لم يشر إليها في المتن . وعند الشافعي أنه ينوي عند إعادة الصلاة نية الفرضية . وعند الأحناف يجب تعيين نية الفرض ، ونية التعيين .وعند المالكية والحنابلة أنه لا تجب نية الفرضية أصلاً . واختار النووي عدم التعرض لنية الفرضية في الصلاة المعتادة . وسبب التنازع عندهم هو اختلافهم في المقصود من الإعادة.

27-مسألة حكم تخطي رقاب الناس :لم يشر إليها في المتن . ومذهب الشافعي كراهة تخطي الرقاب . أما أبو حنيفة فأجاز التخطي بشرطين : أن لا يؤذي أحدا ، وأن يكون قبل بداية الخطبة ، وإلا فيحرم . والمالكية قالوا بالجواز مع الكراهة . وعند أحمد أيضا الكراهة مطلقاً إلا أن يكون إماماً . وقد إختار النووي حرمة التخطي مطلقاً . وسبب الخلاف هل العبرة بالإيذاء أم هو نهي عن الإيذاء وقت الخطبة ؟.

28-مسألة الجمع بعذر المرض : مذهب الشافعي لا يجوز الجمع بعذر المرض ، وكذلك قال الأحناف . أما الحنابلة والمالكية فقالوا بالجواز . واختار النووي الجواز خلافا للشافعية . وسبب إختلافهم تنازعهم في حديث ابن عباس : ” جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر ” أخرجه مسلم.

29-مسألة القيام للجنازة : لم يشر إليها في المتن . مذهب الشافعي يكره القيام للجنازة إذا مرت ، لأن الأمر بالقيام لها منسوخ . وهذا رأي الجمهور . واختار النووي إستحباب القيام لها ، ولا يقعد حتى توضع .وسبب اختلافهم تنازعهم في نسخ حديث : ” إذا رأيتم الجنازة فقوموا ” متفق عليه.ولابن القيم تحقيق نفيس حول هذا الاختلاف في حاشيته على سنن أبي داود.

30-مسألة وصول ثواب قراءة القرآن للميت: لم يشر إليها في المتن .وعند الشافعي أن قراءة القرآن لا يصل ثوابها للميت . لكن الجمهور قالوا بوصول ثوابها للميت . واختار النووي أنه يصل ثوابها للميت كما حكاه في كتاب الأذكار . وسبب اختلافهم تنازعهم في صحة الأحاديث وهل هي باقية على خصوصها أم عامة ، وهل تقاس القراءة على الصدقة والحج ؟ .

هذه أمثلة مختصرة ، ومن أراد الإستزادة فليراجع تعليقاتي على متن أبي شجاع .
انتهى الدرس السادس ويليه الدرس السابع إن شاء الله تعالى .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
1439/11/14