سادساً: كيفية الإفادة من المنظومة وشرحها نشر البنود :
وصيتي لمن أراد الإفادة من المنظومة وشرحها ، أن يبدأ بالشرح أولاً وليس بالمنظومة .
فمثلا قول الناظم :
والنفل ليس بالشروع يجبُ.. في غير ما نَظمه مُقرِّبُ
ففي هذا البيت يقصد العلوي أن المذاهب الثلاثة عندهم أن الواجب لا يجب بالشروعِ فيه .
وقد خالف أبو حنيفة (ت: 150هـ)رحم الله الجميع في هذه المسألة.
وهناك سبع مسائل يجب اتمامها بالشُّروع فيها ، نظمها الحطَّاب (ت: 954هـ ) رحمه الله تعالى ، شارح خليل.
وهذا البيان لا يكون إلا بالرجوع الى الشرح لتصوُّر المعاني .
ومثله قول الناظم :
وهو حجة لكن يحظل.. فيما به كالعلم دور يحصل
معناه أن الإجماع حجة لكن يمنع الاحتجاج به في كل مسألة عقلية يحصل بها الدور .ويحتج بالإجماع في الأمور الدينية والدنيوية .
وقِس على هذا الأبيات المبهمة وما فيها من معاني خفية .
ويجب أن تُقسَّم مباحث المذاكرة على شهر أو شهرين أو ثلاثة .
وفي كل درس يتم فهم مسائله وأمثلته وأدلته على مهل مع صبر وهِمة عالية ، وتكون المذاكرة بالقلم والتخطيط والتحشية لترسيخ الفوائد في الذِّهن .
وبعد اكتمال دراسة الكتاب يتم الرجوع إلى المنظومة ، لمراجعة أبياتها بأناة وفهم .
والأبيات إما أن تُحفظ أو تُكرَّر ، حتى يتم تصور المسألة ومعرفة حدودها والفقه المشتملة عليه .
وعند الفراغ من مذاكرة المنظومة وشرحها يتم اختبار الفهم بين اثنين أو ثلاثة أو أكثر كل يوم عشرة أبيات . وبهذه الطريقة يحصل الفهم والعلم والعمل .
ومن اللازم مراجعة كتاب جمع الجوامع وفهم المسائل فيه ، ومقارنته بأصول المذاهب الثلاثة لمن أراد الإستزادة من هذا العلم.
وعند مطالعة أصول الفقه يجب على الباحث الحرص على المسائل التي لها ثمرة عملية مثل : أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأحوال السُّنن ، ومعرفة مسائل الإجماع ، ومتى يكون قول الصحابي حجة ؟،وفعل كل عمل أمر به الشرع واجتناب كل ما نهى عنه ، وتتبع مقاصد الشرع والمصالح الراجحة ، ومطالعة القواعد الأصولية والفقهية على حسب الجُهد والطاقة ، والاقبال على كل ما عمل به السلف الصالح ، واجتناب ما فيه بدعة أو زجر عنه الشرع الحنيف .
وأخيراً فإن في بعض ما سطَّره العلامة العلوي رحمه الله تعالى ، عبارات يتأكَّدُ الوقوف عندها والنظر فيها طويلاً ، وما ورد في كلامه من الاضطراب أحياناً فيُحكم عليه بالاستصحاب ، تقريراً لقاعدة البرآءة الأصلية .
وعليه فقد أعرضتُ عن المتشابه من عبارات العلوي في نشر البنود ، فلم أحملها على المعنى الأدنى ، فهناك من الجُمل في سِّياق كلامه يمكن فهمها على أوجهٍ مختلفة ، فلم أُثبِتها هنا حملاً لكلامه على أحسنِ المعاني المعهودة .
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب نشر البنود ، مع منظومته مراقي السُّعود ، وأن يغفر لمصنِّفهما وينزله منازل الأبرار ، وأن يجزي ناشرها وكل من نظر فيها ،أجزل الجزاء وأوفاه .
والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلَّم وبارك على سيِّدنا محمد ،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
1440/8/30